لأن العقلاء العرب ومعهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) خاضوا معركة الاستيطان والمفاوضات المباشرة بحنكة وحكمة وبعدم ارتجال، فإننا نرى الآن هذه الحملة الإسرائيلية المضادة للغرب والولايات المتحدة التي وصلت إلى حد اتهام الرئيس باراك أوباما بأنه يعطل عملية السلام بإصراره على ضرورة وقف الاستيطان قبل استئناف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية المباشرة.

وفي الاتجاه ذاته تعرض وزيرا خارجيتي فرنسا وإسبانيا لانتقادات لاذاعة وجهها إليهما وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان مدعيّاً أنهما يتدخلان تدخلاً زائداً عن الحدود في الصراع في الشرق الأوسط. وقد قال مهاجماً ما اعتبره ازدواجية المعايير لدى الأوروبيين: "نحن في إسرائيل على عكس أوروبا لم نمنع الحجاب ولا البراقع على النساء المسلمات ولم نمنع بناء المساجد ولا مآذن المساجد".

Ad

الآن هناك اشتباك إعلامي وسياسي واضح بين الإسرائيليين من جهة وبين دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من جهة أخرى، والآن هناك انحياز عالمي على مستوى الدول وعلى مستوى الشعوب إلى وجهة النظر العربية والفلسطينية بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، والآن هناك إجماع من قبل العالم كله على رفض الاستيطان وعلى حل يستند إلى إنشاء دولة مستقلة للشعب الفلسطيني إلى جانب الدولة الإسرائيلية.

وهذا يعتبر إنجازاً عظيماً للدبلوماسية المعتدلة والهادئة التي اتبعها المعتدلون العرب واتبعتها القيادة الفلسطينية منذ أن بدأت قضية العودة أولاً للمفاوضات غير المباشرة ثم للمفاوضات المباشرة، والمهم هنا هو أن العالم كله بات يتفق على أن إسرائيل بمواقفها المتشددة هي المسؤولة عن تعطيل عملية السلام، وأن الفلسطينيين على حق عندما يطالبون بوقف الاستيطان وبضرورة اعتبار حدود الرابع من يونيو عام 1967 مرجعية للمفاوضات المباشرة.

ولتقدير أهمية هذا التطور فإن علينا أن نتصور ماذا سيكون الموقف الحالي إذا سلّم العرب المعتدلون ومعهم الفلسطينيون مقاليدَ أمورهم لما يسمى "فسطاط الممانعة" الذي يشكل فيه محمود أحمدي نجاد مركز القيادة؟!