غداً الاستحقاق الأردني
غداً الثلاثاء يتوجه الأردنيون إلى صناديق الاقتراع لاختيار مجلسهم النيابي (البرلمان) الذي يتشكل من مئة وعشرين نائباً من بينهم (12) سيدة، وحسب التقديرات فإن عدد المصوتين سيصل إلى أكثر من مليوني مصوت، كما أن نسبة الاقتراع ستزيد على خمسين في المئة، وهذا رقم يعتبر كبيراً حتى في الولايات المتحدة والدول الديمقراطية العريقة.وتشير التوقعات إلى أن البرلمان المقبل، وهو البرلمان السادس عشر في المسيرة الديمقراطية الأردنية، سيكون من أفضل البرلمانات الأردنية منذ استئناف المسيرة الديمقراطية في عام 1989، وأنه سيكون عوناً لتوجه العاهل الأردني عبدالله الثاني بن الحسين في الانتقال بالبلاد إلى مرحلة جديدة عنوانها التغيير والإصلاح السياسي والاقتصادي والارتقاء بالقوانين والأنظمة النافذة إلى مستوى هذه التطلعات التي ستضع الدولة الأردنية في مستوى الدول المتقدمة حتى في العالم الغربي نفسه.
ولعل ما تجب الإشارة إليه أن هذه الانتخابات التي ستجري غداً قد جرى التمهيد لها بإجراءات حكومية صارمة جداً لضمان نزاهتها وشفافيتها والحؤول دون أن يؤثر عليها ما يوصف بالمال السياسي، كما جرى التمهيد لها بحملة إعلامية عالية الوتيرة استمرت على مدى أكثر من شهرين، عنوانها التحفيز على المشاركة والدعوة إلى اختيار الأصلح، وحث الشباب تحديداً على أن يكون دورهم رئيسياً لأنهم الأقرب إلى روح العصر ولأنهم الذين تقع عليهم مسؤولية صناعة مستقبل الدولة الأردنية التي سيحتفل الشعب الأردني ببلوغها التسعين سنة من عمرها في مايو المقبل.لم يقاطع هذه الانتخابات إلا حزبان فقط هما حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي هو وجه العملة الآخر للإخوان المسلمين، وحزب الوحدة الشعبية، الذي خرج في عام 1989 من رحم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وبهذا فإن ستة عشر حزباً قد قررت خوض معركة هذه الانتخابات، من بينها الحزب الشيوعي وحزب البعث (العراقي) سابقاً وحزب البعث (السوري) بالإضافة إلى الحزب الوسطي الرئيسي، أي حزب التيار الوطني، الذي يتزعمه رئيس مجلس النواب السابق عبدالهادي المجالي، والذي يضم عدداً كبيراً من رموز الصف الأول الوطنية الأردنية.وهنا، فإن ما يجب ذكره هو أن قرار الإخوان المسلمين، ووجه عملتهم الآخر حزب جبهة العمل الإسلامي، باتخاذ هذا الموقف الاستنكافي الذي اتخذوه إزاء انتخابات غدٍ الثلاثاء قد أدى كما كان متوقعاً إلى تمرد عدد كبير من قيادات الصف الثاني، تقدم ثمانية منهم خلافاً لقرار تنظيمهم، لخوض معركة الانتخابات النيابية، وهذا أدى إلى إشكالٍ جديد لهذه الجماعة التي تعاني منذ نهايات عام 1999 إشكالاتٍ تنظيميةً وسياسية كثيرة، سببها الرئيسي تدخل حركة "حماس" السافر في شؤونها الداخلية واستقطاب جناحٍ رئيسي منها بات يقدم ولاءاته إليها وإلى برامجها وتحالفاتها الإقليمية على ولاءاته الوطنية الأردنية المفترضة.