من يزرع الريح...
لن يحصد إلا العاصفة!


نشر في 21-10-2010
آخر تحديث 21-10-2010 | 00:01
 د. ساجد العبدلي إن السلطة اليوم أمام مرحلة مفصلية من تاريخ هذه البلاد، ومن تاريخها هي نفسها، ولا سبيل لإيقاف هذا السقوط الحر في الظلام، والذي تعانيه البلاد على الصعد المختلفة، إلا بمعالجات حازمة حاسمة، تنزل أقصى العقوبات على كل المسيئين، كائناً من كانوا، فتلجمهم، وتردع الآخرين أن يحذو حذوهم، بعدما تطاول حتى أتفه الناس.

ما يجري في حق الكويت، على يد أبنائها، في الآونة الأخيرة، هو جريمة بكل المقاييس، لكن الجريمة الكبرى والأشد هي أن يظل البعض ينظر إلى هذا الذي يجري على أنه شيء بسيط، وأن يساء لذلك تشخيصه، ويتهاون بالتعامل معه.

ما وصلنا إليه اليوم لا يشكل أي مفاجأة مذهلة بالنسبة لي على الإطلاق، فمآلات الأمور كانت واضحة لكل من آتاه الله ولو قليلاً من عقل وقليلاً من خوف حقيقي على هذه البلاد، وهذا الذي يجري ما هو إلا ثمرة متوقعة لغرس الأمس، وبالمثل فإن الغد لن يخرج ثمره عن غرس اليوم، وهكذا دواليك.

خلال الفترة الماضية، غرس في هذه الأرض كثير من الفوضى، وكثير من المحسوبية، وكثير من المجاملات السياسية، وكثير من التلاعب والفساد الذي مر دون حساب أو عقاب، وكثير من الفئوية والطائفية والتفرقة، ليثمر هذا كله اليوم، حقولاً وحقولاً من الحنظل والشوك. أثمر ضياعاً لهيبة الحكومة، وتحطيماً لقيمة القانون، وتجاوزاً لكل القيم والأعراف والمبادئ الأخلاقية، وجاء كل ذلك، وهنا موضع الألم، بزعم الديمقراطية وحرية التعبير!

ما حدث لقناة «سكوب» لا يدهشني مطلقا، فـ»سكوب» بنفسها هي من زرعت وزرعت طوال الفترة الماضية، فاستحقت حصاد الشوك المر.

نعم... ما حصل من تكسير للقناة، وتصفية للحساب باليد من قبل بعض من أساءت إليهم القناة، مرفوض على طول الخط، وذلك من حيث المبدأ، لكنه كان نتيجة بدهية، ورد فعل متوقعاً في ظل واقع البلاد الذي انفرطت سبحته، وتهتك وتشظى إلى الحد الذي أمن فيه حتى أرذل مسيء من العقوبة، وانفلت فيه كل شيء من عقاله.

سمعت البعض يقول إن الخطأ يجب ألا يعالج بخطأ أكبر منه، وهذا أيضا كلام صحيح، لكن دعوني أسأل، ومن قال إن التحطيم والتكسير الذي طال هذه القناة أكبر وأشد ضرراً من تلك الإساءات اللفظية التي دأبت هذه القناة، هي ومثيلاتها من قنوات أخرى وصحف، على بثها ونشرها، حتى وصلت الأمور إلى هذه النقطة الشديدة الانحدار، التي انفجر بعدها كل شيء؟!

حادثة التكسير، مهما كان أثرها، ستظل حادثة معلقة في لحظة مضت من الزمن، وسيتم إصلاح ما تم تكسيره بقليل من المال، أو حتى كثيره فلا مشكلة كبيرة في ذلك، ولكن تلك الإساءات التي أطلقت وبثت وأذيعت، قد تم تسجيلها لمرات ومرات، وانتشرت وشاعت في فيديو «اليوتيوب» ومواقع الإنترنت، حتى صار شرها وسوؤها حاضراً بازغا على مر الزمن القادم! والآن، أي الخطأين أكبر يا ترى؟!

إن السلطة اليوم أمام مرحلة مفصلية من تاريخ هذه البلاد، ومن تاريخها هي نفسها، ولا سبيل لإيقاف هذا السقوط الحر في الظلام، والذي تعانيه البلاد على الصعد المختلفة، إلا بمعالجات حازمة حاسمة، تنزل أقصى العقوبات على كل المسيئين، كائناً من كانوا، فتلجمهم، وتردع الآخرين أن يحذو حذوهم، بعدما تطاول حتى أتفه الناس.

إما هذا، والآن وعاجلاً، وإلا فإن البلاد بحالتها هذه سائرة لا محالة نحو سقوط وارتطام، من هوله، لن تسعفنا الأحاسيس أن نسمع له دوي!

back to top