عُدنا إلى الوطن والعود كان بحمدالله أحمد، والغياب عن الكويت الأرض والأهل حتى لو كان في أجمل بقاع الدنيا صعب، ورغم السرور الذي يكتنفنا قبل السفر لأننا سنبتعد عن "اللجة والصيحة" المشتعلة على مدار العام في الديرة، فإنه بمجرد مرور بضعة أيام من مغادرتها حتى تبدأ فاتورة "التجوال" بالتضخم، والبحث عن أخبار الديرة من خلال الإنترنت تمتد لساعات، وتنسى كل ما فيها من مشاكل و"لغوة" ومناخ قاس لتتذكر ذلك الوطن الصغير الجميل، الذي يطلق الأجانب صيحة الدهشة "أوه" عندما تذكر أنك منه لارتباطه بمخيلتهم بأنه بلد صغير يمتلك ثروة ضخمة تجعل أهله يعيشون في سعادة ورغد، بينما على أرض الواقع فإن هذا البلد تتردى خدماته منذ سنوات، ويزداد الجدل العقيم فيه الذي وصل إلى حد هتك نسيجه الاجتماعي ووحدته الوطنية، ولكن يبقى الأمل خصوصاً في شبابه رغم ما نشهده من أفعال وتصرفات منهم أحياناً لا تعجبنا، فقضائي إجازتي لأكثر من شهر في الولايات المتحدة مع نجلنا العزيز الملتحق حديثاً بالدراسة فيها جعلني على تواصل يومي مع الطلبة الكويتيين هناك، وهم فعلاً مثال للصورة المشرفة للكويت، فتجدهم في السكن جميعاً ولد الجهراء والرميثية وسلوى والعديلية والفروانية يراعون مصالح بعضهم بعضاً، وفي تلاحم وتفاهم كبير، وتسمع أمانيهم وتصوراتهم لمستقبل وطنهم عند عودتهم إليه، وقصص تفوقهم في جامعاتهم فتشعر بالفخر والسعادة، فترجو الله بعد ذلك أن يعي كل من له يد في إدارة شؤون البلد تطلعات الجيل القادم فيعملون بصدق من أجل الكويت، وأن يكتفي كل من "هبش" من ثرواتها بنصيبهم، ويكفوا عن الصراع المدمر في البلد من أجل الحصول على المزيد من خيراته بالباطل...! وليعطوا الأمل والفرص لأبناء جيلنا الجديد الواعد.   

Ad

***   

منذ عودة الشيخ أحمد الفهد إلى الحكومة في العام الماضي وهو يحرص على أداء متوازن وبالغ الدقة والحيادية، وظهور مميز في الإعلام والمناسبات العامة يخدم تطلعاته المشروعة المستقبلية في السلطة والحكم، ويهدف كذلك إلى محو سلبيات ما علق شعبياً بأدائه في فترة عمله الأولى في الحكومة التي انتهت في عام 2006، أحمد الفهد الذي أبهرني بأدائه أمام رجال الأعمال والصناعيين الألمان خلال زيارة سمو أمير البلاد لبرلين منذ عدة أشهر، وتقديمه خطة التنمية الكويتية ومشاريعها الكبرى لهم بطريقة فنية واقتصادية بارعة تظهر أهمية الكويت وموقعها الاستراتيجي، ارتكب زلة كبيرة عندما قال في ملتقى اقتصادي محترم تعبير "موتوا قهر"، فهو تعبير لا يليق برجل دولة، ولا ببلد دستوري ديمقراطي يحظى باحترام العالم.

***  

السادة أعضاء المجلس البلدي رفضوا تخصيص قطعة أرض لإنشاء كنيسة الروم الكاثوليك في أبوحليفة، في وقت تتقدم فيه دولة الكويت بورقة إلى الأمم المتحدة لحماية الأديان واحترام شعائرها، وتترشح كذلك لعضوية مجلس حقوق الإنسان الدولي...!! أي تناقض ذلك، نطالب العالم باحترام الأديان وشعائرها ونرفض بناء الكنائس لمئات الآلاف من المسيحيين في البلد، والمفارقة أنني قرأت الخبر عند عودتي، بينما وخلال وجودي في قرية كاربونديل الصغيرة في ولاية ألينوي بالقرب من الجامعة التي يدرس فيها ابني وجدت مسجداً في هذه المنطقة الريفية على بعد أقل من 400 متر من الكنيسة الرئيسية فيها، تقام فيه الصلاة التي يقيمها أزهري مصري يقبض راتبه من مجلس القرية المنتخب، وكذلك إعانات مالية لخدمة الجالية الإسلامية التي لا يتجاوز عددها العشرين فرداً أميركياً... فكيف يصدقنا العالم ونحن نقدم مقترحات إلى المجتمع الدولي تناقض ما نقوم به فعليا في بلدنا؟!