ماذا حدث في ليلة الحربش؟

نشر في 12-12-2010
آخر تحديث 12-12-2010 | 00:01
 حسن العيسى كل التقدير لوزارة الداخلية الحريصة على تطبيق القانون، وإن كانت المحكمة الدستورية حكمت عام 2005 بنفي دستورية المادة 1 من قانون الاجتماعات العامة، لكن يبقى القانون جسداً حياً مرعباً، وإن كان على غير أساس من الشرعية، فهو يرفع الهراوات وينزلها بقسوة على أجساد المخالفين، أياً كانوا نواباً أو أكاديميين أو مواطنين عاديين جاؤوا للاستماع لندوة في ديوان النائب الحربش عن حيلة حكومية ناجحة رفعت بها الحصانة عن نائب دون وجه حق، فشبع الحاضرون ضرباً! هل نقول من جديد "زين سووا فيهم" مثلما قال و"هيص" وزغرد الكثيرون من الذين ذرفوا الدموع الساخنة على "الأسطورة الناشط السياسي" محمد الجويهل، وتم فش غلهم حين ثأرت القوات الخاصة للناشط الأسطورة والضحية، ولسان حال عدد كبير من مثقفي زوايا مسح الجوخ لأهل السلطان وأصحاب الصولجان! أم نقول إن هناك خلطاً في الأوراق، وإن هناك قصوراً في النظر والعمل...؟

 فمن ناحية، هناك قصور في النظر والعمل حين سكت النواب من عام 2005، أي من تاريخ حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون التجمعات ولم يقوموا بإصدار تشريع ناسخ له حتى اليوم، وركنوا على وهم كفاية حكم المحكمة الدستورية،  ونظرياً يكفي مجرد الحكم أن يبطل عمل القانون، لكن هذا لا يحدث في دولة لا يقرأ المسؤولون فيها أحكام المحاكم العليا... وكان الأولى المبادرة إلى إصدار تشريع يبطل صراحة مواد قانون التجمعات... وهذا من باب سد الذرائع.

   من ناحية أخرى، كان من المفترض على النواب الداعين، وهم أصحاب حق، أن يراعوا دعوة صاحب السمو أمير البلاد إلى منع التجمعات، لكن حتى في هذه يُظهِر النواب الداعون عذراً قوياً لهم بأنهم رفعوا الكراسي خارج الديوان استجابة لطلب الشرطة - إلا أن الحضور ضاق بهم  مساحة الديوان فافترشوا الساحة الخارجية... هنا كان على قوات الأمن أن تتحلى بسعة الصدر، وتنتظر قليلاً من الوقت حتى يغادر الحاضرون، فليس هؤلاء حثالة مجرمين، فهم نواب ومواطنون وأصحاب رأي وقضية مهما اختلفت الاجتهادات بينهم ونحوهم، فليس هم من اعتدى على "الأسطورة" الناشط السياسي الجويهل، ولا هم دعاة شغب، ولم يحتكموا إلى الشارع، وإن كان الاحتكام إلى الشارع قد يصبح ضرورة مشروعة في بعض الأحيان حين يشد الاستبداد لجامه.  

 في النهاية، لوزارة الداخلية رواية عما حدث ليلة الحربش تحدث بها الضباط الكبار في المؤتمر الصحافي، وهناك "روايات" مقابلة لعدد من الحاضرين في ذلك المساء الحزين، والأولى أن تُشكَّل لجنة محايدة من قضاة ونواب لتحسم حقيقة ما حدث خلال فترة محددة سلفاً، قبل المسارعة إلى استجواب سمو رئيس الوزراء... فالحقيقة مطلوبة قبل إصدار الأحكام.

back to top