محمد الجالوس يرسم الحصار على الإنسان
مستلهماً الوحدات الحسية والبنائية بتقنية متطورة
يبحث الفنان الأردني محمد الجالوس في تقاسيم الوجه، مصوراً المعاناة الإنسانية بكل تفاصيلها في البيت والأسرة والوطن، كما يقسم اللوحة إلى مربعات تتقاطع مع رؤيته الذاتية.
افتتح وكيل وزارة الإعلام الشيخ فيصل المالك الصباح مساء أمس الأول المعرض الخاص للفنان الأردني محمد الجالوس، الذي احتضنته صالة الشايع في الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية، وحضره عدد من أعضاء السلك الدبلوماسي والمهتمون بالحركة التشكيلية.قدّم الفنان 20 لوحة من الحجم المتوسط، تتحد فيها وحدة الموضوع، إذ يركز الفنان على تفاصيل الوجه البشري، متعمقاً في القضايا التي تحاصر الإنسان في حياته، ويضع الوجه ضمن إطار مربع محكم الإغلاق، مجسداً الحصار الذي تفرضه أضلاع المربع.ثقافات جديدةوفي حديث مقتضب، أشاد وكيل وزارة الإعلام الشيخ فيصل المالك الصباح بمحتوى المعرض، مؤكداً ضرورة التبادل الفني والثقافي بمختلف أشكاله، تعميقا للتواصل الإنساني الذي يمنح الآخر فرصة الاطلاع على ثقافات وأمور جديدة لم يعهدها.وجوه بشريةبدوره، يؤكد الفنان الأردني توحد الهم الإبداعي سواء في الكتابة الأدبية أو الرسم التشكيلي، مشيراً الى أنه قضى ثلاثين عاماً في محراب الرسم ملتزماً بطرح قضايا مهمة خلال أعماله، ويرى أن التكنيك المستخدم في معرضه يعبر عن الحصار الذي يعيشه الإنسان، مبيناً ذلك من خلال الوجوه البشرية، ويسلك دروب المدرسة التجريدية المتوائمة مع المدرسة الواقعية.معالجة فنيةوعن الجديد الذي يحمله تقسيم اللوحات إلى مربعات بأحجام متباينة، يؤكد الجالوس أن المربع حالة قديمة متجددة، تعبر عن التوازن وكذلك ترمز إلى الحصار الذي يطبق فكيه على الإنسان، مضيفاً: "ثمة زوايا يتقوقع فيها الفرد داخل ذاته فيصبح أسيرا للجدران، أسلط الضوء على هذه قضايا متنوعة سياسية واقتصادية واجتماعية وكذلك مسائل فردية وأخرى جماعية، أقدم معالجة على المستوى الفني مختلفة عن الخامات الأخرى". طاقة تعبيريةويستطرد الجالوس متحدثاً عن المقترحات الفنية التي يقدمها خلال أعماله، مؤكداً أن ثمة أساليب لا تنجح بسبب رفض الجمهور لها، وعلى النقيض من ذلك ربما تنجح أعمال أخرى، فالرسم ليس بالضرورة أن يقدم الحلول للمشكلات المعروضة بل يجب أن يحفز الخطاب البصري القارئ ويدفعه إلى التفكير وطرح الأسئلة، هنا تكون رسالة الفن قد تحققت لأن الفنان مهمته تقديم العمل البصري بأقصى طاقة تعبيرية والمتلقي مهمته أن يجد الحل.ينحاز الجالوس إلى الرسم مؤكداً أن اللوحة لها ميزة الوصول إلى وجدان المتلقي أسرع من النتاج الأدبي، كما يؤكد أن ثمة أفكار يعبر عنها الأدب بشكل جميل جداً.أنسنة الفنعن ذائقة الجمهور الكويتي يقول: "يتمتع الجمهور الكويتي بحس فني راق وقد تعرفت على اهتمامات هذا الجمهور من خلال معرضي الأول الذي احتضنته قاعة أحمد العدواني في عام 2002 وفقاً لهذه المعطيات وجدت أن الجمهور الكويتي يهتم كثيراً لأنسنة العمل الفني، يبحث المتلقي الكويتي عن الإنسان في اللوحة".تأصيل للتراثومن جانبه، أكد رئيس الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية عبدالرسول سلمان أن هذا النشاط يأتي في إطار التبادل الثقافي والفني بين فناني الدول العربية الشقيقة، مشيراً الى أن الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية تستضيف معرض الفنان محمد الجالوس لعرض مجموعة من أعماله الفنية إضافة إلى اختياره لدولة الكويت لتكون المحطة الأولى لتوقيع كتابه الذي أصدره حديثاً بعنوان "ثلاثون عاماً من الرسم" وذلك بالتعاون مع وزارة الإعلام.ويضيف: "ولا شك أن أعمال الفنان محمد الجالوس هي بمنزلة دعوة إلى تأصيل التراث الحضاري والإسلامي والجمالي، واستلهام الوحدات الحسية والبنائية بتقنين معاصر يراعي الأبعاد النفسية والفكرية للإنسان العربي ويتجاوب من العالم الخارجي بهوية محلية حميمة كانت أحد الأسباب التي أدت إلى دخول الفن التشكيلي الأردني مرحلة متقدمة والشمولية الاجتماعية".وتابع: "كما نشاهد في هذا المعرض تجارب الفنان محمد الجالوس التي فيها ملامح متطورة تأخذ بعناصر التقنية الحديثة وفق إحساس شرقي ينسجم مع معطيات الواقع العربي المعاصر".لمحة ذاتيةالفنان محمد الجالوس من مواليد عمان عام 1960، ودرس الفنون في عام 1979 في معهد الفنون الجميلة، وحصل على البكالوريوس في إدارة الأعمال من الجامعة الأردنية، كما أنه انتسب إلى عضوية مؤسسات فنية وأدبية فهو عضو رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين وكذلك عضو رابطة الكتاب الأردنيين.كما أنه حاصل على جوائز منها الجائزة الأولى لبينالي طهران الثاني للفن المعاصر في المعاصر الإسلامي 2002، كما حصل على شهادة لجنة التحكيم مهرجان موسكرون الدولي للفنون التشكيلية موسكرون في بلجيكا 1996، وكذلك جائزة القصة لغير أعضاء رابطة الكتاب الأردنيين 1980.