قرار بنك الكويت المركزي الصادر الاسبوع الماضي، الذي طالب من خلاله الشركات أن تحدد نشاطها الرئيسي بالاستثمار أو التمويل، في مدة زمنية أقصاها شهر، أثار زوبعة من الآراء المختلفة، سواء المؤيدة له أو المعارضة داخل القطاع الاستثماري، الذي كان منذ بداية الازمة المالية ولا يزال، محط أنظار جميع الاقتصاديين لما صاحبه من أحداث كثيرة بدأت بتعثر العديد من الشركات مروراً بنجاح بعضها في إعادة هيكلة أوضاعها المالية وديونها، واستمرار مشكلة بعضها حتى الآن دون تقدم ملموس في قضيتها انتهاء بقرارات الجهات الرقابية الجديدة، متمثلةً في وزارة التجارة والصناعة وبنك الكويت المركزي وكذلك هيئة أسواق المال، التي ركزت على تنظيم عمل هذا القطاع ومحاولة إعادة هيكلته من جديد وإخراج ما يمكن إخراجه من الشركات التي لا تلبي تلك المعايير.

Ad

وبالعودة إلى القرار الأخير لـ"المركزي"، سيقوم مجلس إدارة اتحاد الشركات الاستثمارية بعقد اجتماع له اليوم، للوصول إلى صيغة نهائية توافق عليها الشركات المنضوية تحت لوائه، لعرضها على "المركزي" في اجتماعها معه، للاتفاق على شكل معين أو صيغة معينة للقرار الأخير، بما فيه مصلحة جميع الاطراف؛ السوق والشركات والجهات الرقابية نفسها.

قرار مدروس

وتؤكد بعض الآراء الاقتصادية التي استطلعتها "الجريدة" أن "المركزي" لا يصدر قراراً معيناً دون دراسته بشكل جيد، لكن ربما كانت المهلة الزمنية المحددة في هذا القرار غير كافية، أو ربما البيئة والفترة الحالية لا تساعد على تبني مثل هذا القرار نظراً لأن أوضاع الشركات نفسها غير مستقرة، وهناك من قال إن استمرار الوضع السابق أفضل لو تم اعتماد منهج جديد للرقابة دون اللجوء لفض التشابك فيما بين هيئة أسواق المال و"المركزي"، كاستحداث إدارة رقابية جديدة في "الهيئة" يدعمها "المركزي" بكوادره لمراقبة أنشطة التمويل، وغيرها من الآراء.

الثامر: ندعو "المركزي" إلى توضيح القرار بل تفاصيله

أكد خبير أسواق المال محمد الثامر أن "المركزي" لا يصدر قراراً يتعلق بتنظيم القطاع المالي إلا وقد درسه جيداً وتعرف الى تأثيراته السلبية والإيجابية على القطاع ككل، مضيفاً أن الشركات يجب أن تختار اتجاهها المستقبلي حسب أغلبية أنشطتها، فالعديد من الشركات تعمل في كلا القطاعين التمويلي والاستثماري، لكن هناك غالبية في تلك الأنشطة، وبالتالي من الأفضل أن تنسجم توجهاتها مع غالبية أنشطتها.

وأوضح الثامر أن الملاحظة الوحيدة على القرار الجديد هو أن كل القرارات التنظيمية أضبحت مرتبطة بالمستثمر الصغير، الذي تسعى الأجهزة الرقابية لحمايته، وبالتالي فإن التأثير المباشر لتلك القرارات يقع عليها، ورغم وقوفنا بجانب جميع قرارات الجهات التنظيمية فان من المفترض أن يقوم "المركزي" بتقديم تفصيل وشرح كامل للقرار الجديد، وتوضيح تأثيره على الشركات، وما هو دور المستثمر الصغير فيها وتأثيرها عليه.

واضاف أن "المركزي" يجب أن يوضح جميع تفاصيل القرار خلال مؤتمر صحافي مثلما عمل مع قانون الاستقرار المالي، أو نشر تفصيلا كاملا لهذا القرار خلال الصحف لتوضيح الصورة بشكل كامل أمام صغار المستثمرين.

وقال الثامر إن أغلب الشركات الاستثمارية في الكويت تعمل في نشاطي التمويل والاستثمار في الوقت ذاته، وثمة شركات اندمجت فيما بينها لخلق كيان أكبر مثلما حصل مع "الدولية للتمويل" على سبيل المثال التي أصبحت تعمل في أكثر من مجال، موضحاً أن القرار يجبر الشركة على أن تنفي القطاع الآخر بعدما تختار قطاعاً معيناً للاستمرار فيه، وهذا ما سيجعل الشركات تواجه صعوبة في الايام القادمة.

النقيب: نوع من التخصص... لكن الوضع السابق أفضل

أكد نائب الرئيس التنفيذي لإدارة الأصول في "كامكو" زيد النقيب أن بنك الكويت المركزي دائماً ما يستبق الأمور والأحداث، ويقوم بإصدار قرارات ومعايير جديدة لمصلحة القطاع المالي بشكل عام، مشيراً إلى أن أي قرار جديد يخضع لرغبة "المركزي" نفسه ووضعه ورؤيته للقطاع خلال الفترة القادمة.

وأضاف النقيب أن فكرة القرار فيها نوع من التخصص، وجعل كل شركة تعمل في مجال محدد وتركز فيه، لكن الموضوع لم يحسم حتى الآن ولم يفهم، موضحاً أن القرار الأخير يدل على وجود العديد من التشابكات بين الجهات الرقابية حتى الآن، وربما جاء القرار ليؤكد عدم رغبة "المركزي" في استمرار هذه التشابكات فيما بينه وبين هيئة أسواق المال.

وقال النقيب إن الأفضل والأوضح من الناحية العملية أن تستمر الأمور مثلما كانت في السابق وتقسيم وتنظيم الرقابة فيما بين الجهات الرقابية، بدلاً من أن تنقسم الشركة الاستثمارية الواحدة إلى شركتين أو أكثر إذا ما كانت تعمل في قطاعي التمويل والاستثمار في الوقت ذاته، مشيراً إلى أن القرار يحتم على الشركات الراغبة في الاستمرار بالعمل في المجالين أن تتقدم للحصول على ترخيص شركة جديدة للقطاع الثاني، وتبدأ من الصفر من جديد!

واشار النقيب إلى أن على "المركزي" أن يفصح أكثر عن اسباب عدم تفضيله التشابك الحالي لحين انتهاء الامور واتضاح الصورة لهيئة أسواق المال بشكل كامل.

المطوع: شركات عديدة ستفقد ميزة العمل في القطاعين

يرى الرئيس التنفيذي لشركة منافع للاستثمار طلال المطوع أن القرار سليم لتنظيم العمل لكن الوضع الحالي يحتاج الى حلحلة تسبق هذا القرار، مشيراً إلى ان القرار من الناحية الفنية سليم نظراً لصعوبة التنسيق للرقابة الجزئية لكل قطاع على حدة، لكن يجب أن تسبقه عدة خطوات حتى تكون البيئة مناسبة لمثل هذه القرارات.

وقال المطوع إن هناك العديد من شركات الاستثمار التي تعتمد على ميزة الـ10 في المئة كهامش تمويل على استثماراتها ستفتقد تلك الميزة، مضيفاً أن هناك أيضاً من الشركات من تعتمد على إعطاء قروض استهلاكية حتى ولو بجزء بسيط، وستفتقدها هي الأخرى.

وأشار المطوع إلى أن من المفترض أن يعطي القرار مهلة زمنية للشركات الاستثمارية أكبر من مدة الشهر التي أعلن عنها "المركزي"، نظراً لأن العملية تضم العديد من التشعبات المعقدة التي تحتاج الى فترات أطول حتى تنتهي الشركات من تنظيم أوضاعها بشكل يتلاءم مع المتطلبات الجديدة، مضيفاً أن سياسة "المركزي" أثبتت نجاحها خلال الازمة المالية ولهذا نتوقع أن تتضح الصورة أكثر بشأن القرار الأخير من قبله.

الصباح: مطلوب إدارة جديدة في "هيئة السوق" مدعومة بكوادر "المركزي" لمراقبة التمويل

يرى مدير الاستثمارات الخليجية في شركة بيان للاستثمار الشيخ احمد الصباح أن من الممكن استحداث إدارة جديدة داخل هيئة أسواق المال تكون مدعومة بكوادر من بنك الكويت المركزي ومهتمها مراقبة النشاط التمويلي للشركات الاستثمارية، مضيفاً أن هذه الإدارة ستكون أفضل بكثير من عملية فض التشابكات بهذا الشكل الذي يجبر العديد من الشركات على التخلي عن بعض القطاعات الاستثمارية التي تعمل بها.

وأضاف الصباح أن الشركات الاستثمارية تستفيد من الجانب التمويلي، وبالتالي يجب ألا نحرمها هذه الاستفادة، مشيراً إلى أن القرار الأخير يجب أن تكون فيه إدارة من الطرفين، سواء هيئة أسواق المال أو "المركزي"، والتنسيق فيما بينهما لمصلحة القطاع المالي والاستثماري تحديداً، بدلاً من عملية فض التشابك التي تؤدي إلى إجبار الشركات على إيقاف بعض أنشطتها الرئيسية.

العصيمي: المهلة غير كافية وتحتاج إلى سنوات

قال نائب الرئيس لإدارة الأصول في شركة الساحل للتنمية والاستثمار عبدالله العصيمي إن جانب الرقابة في "المركزي" يجب أن يتم تفعيله بشكل أفضل حتى لا يكون هناك قرار مطلق فوري التنفيذ، مشيراً إلى أن الجانب السلبي من القرار أنه مدمر لبعض المؤسسات الموجودة أساساً، ويؤدي إلى انخفاض كبير في ربحيتها كونها تعتمد على نشاط رئيسي من أنشطتها التشغيلية وتم إجبارها على التوقف بالعمل به.

واشار العصيمي إلى أن المشكلة في المراقبة وليست في العمل، وهناك مؤسسات مالية ضخمة على مستوى العالم تعمل بنفس المجال ونفس القطاعات وليست لديها أي مشاكل كما أن الأجهزة الرقابية لتلك الدول لم تجبرها على الالتزام بنشاط معين، مؤكداً أن المشكلة تكمن في صغر حجم الفريق الرقابي الموجود في "المركزي" رغم كفاءته، إلا أنه في النهاية له قدرة تحمل محدودة ولا يستطيع تجاوزها.

واضاف العصيمي أن قرار "المركزي" يحمل جانباً إيجابياً للقطاع المالي، حيث انه يوجه الشركات الاستثمارية لأن تتخصص في مجال محدد، وعليها أن تختار اتجاهاً واحداً إما التمويل أو الاستثمار، وهذا ما يجب أن يفرض على الشركات المزمع تأسيسها كونها لم تعمل في كلا القطاعين حتى الآن.

واشار العصيمي إلى أن من الافضل أن يضع "المركزي" فترة زمنية أطول للشركات لتنظيم أنشطتها من جديد، على سبيل المثال فترة لا تقل عن 6 سنوات حتى تتدرج الشركات في هيكلة اعمالها وقطاعاتها مجدداً بشكل يسمح لها بالتخارج من أصول أو تسوية تمويلات بشكل إيجابي لا يعرضها لخسائر قد تنتج نتيجة ضيق الوقت، موضحاً أن الفترة الحالية كشفت بشكل عملي كشفت بشكل عملي أن التطبيق الفوري للقانون دون أن يفهمه المعنيون به له صدى قد يكون سلبيا على أحداث السوق، مؤكداً أن تطبيق القانون مبارك لكن يجب أن نفهمه أولاً .

السهلي: الشركات غير العاملة بالتمويل ليست من اختصاص "المركزي"

قال رئيس مجلس ادارة شركة الساحل للتنمية والاستثمار سليمان السهلي: عندما تم إقرار هيئة لأسواق المال أصبحت هذه الهيئة رقيبة على جميع الشركات، ومن ثم أصبحت هناك رقابتان على شركات الاستثمار، وهما "المركزي" والهيئة، وعلى الشركات الاستثمارية التي لديها تعاملات مالية أن تخضع لرقابة البنك المركزي.

واشار السهلي الى ان الشركات التي لا تقوم بعمليات تمويل وإقراض لا تعتبر من اختصاصات البنك المركزي، فلماذا يقوم "المركزي" بمراقبتها، مضيفا ان كثيرا من شركات الاستثمار ينص عقد تأسيسها على حقها في ممارسة عمليات التمويل والإقراض، ولكن لا تقوم بممارسة هذا الغرض.

واعرب السهلي عن اعتقاده بان الشركات التي تقوم بممارسة غرض التمويل والإقراض تندرج تحت رقابة البنك المركزي وتتنازل عن الأغراض الأخرى، والعكس صحيح فالشركات التي لا تمارس حق التمويل والإقراض ينبغي ان تندرج تحت رقابة هيئة سوق المال، ليكون هناك تنظيم أكثر ويتم فصل القطاعين؛ الاستثمار والتمويل.

واضاف ان البنك المركزي سهل كثيرا من الأمور فوضع بندا ينص على استطاعة الشركات التي تود ممارسة حق التمويل والاستثمار معا ان تحصل على ترخيص من قبل البنك المركزي، واصفا القرار بالجيد، لأنه تنظيمي وواقعي وعملي فلماذا تكون هناك أكثر من جهة تراقب شركات ليس من اختصاصها.

الطواري: سيؤثر في شركات تمارس نشاطي التمويل والاستثمار

يرى رئيس مجلس الادارة العضو المنتدب في شركة رساميل للهيكلة المالية عصام الطواري ان من المفترض ان يتم فصل الصلاحيات والمسؤوليات بين البنك المركزي وهيئة سوق المال، ووضع مصلحة الشركات الاستثمارية في المقام الاول.

واضاف الطواري انه في حال استمرار الرقابة المزدوجة بين "المركزي" وهيئة سوق المال فمن الممكن ان يحدث التضارب بينهما، فقد تحصل شركة على موافقة جهة، ورفض الجهة الأخرى، مضيفا ان هذا القرار له تداعيات من الممكن ان تكون سلبية على شركات الاستثمارية، لذا يجب على الجهتين وضع الحلول المناسبة لتفادي المشاكل التي يمكن ان تحصل في حال تطبيق القرار.

واشار الى ان الشركات الاستثمارية التي لها حق ممارسة التمويل ولا تمارسه فهي لن تتأثر بالقرار.

واشار الى ان هناك شركات تمارس حق التمويل والاستثمار معا، وهذه ستتأثر وسيكون ذلك واضحا في نتائجها المالية.

 

الحميضي: خطوة جيدة لفك التشابك الرقابي بين "المركزي" و"الهيئة"

أثنى رئيس مجلس ادارة الشركة الكويتية للتمويل والاستثمار (كفيك) صالح الحميضي على قرار البنك المركزي، وقال إنها خطوة جيدة لفك التشابك الرقابي بين البنك المركزي وهيئة اسواق المال على شركات التمويل والاستثمار بحيث يقتصر خضوعها للرقابة على إحدى الجهتين.

واضاف الحميضي ان القرار سيساهم في تنظيم السوق وعمل الشركات، مضيفا انه يجب إطالة المهلة لأكثر من شهر وذلك حتى تستطيع الشركات ترتيب أوضاعها، ولاسيما ان عددا كبيرا من الشركات التي تعمل في مجالي التمويل والاستثمار ستقوم بتنفيذ خيارات "المركزي".

واشار الى ان تداخل الانشطة أدى الى إشكاليات عديدة في رقابة الشركات لاسيما مع الاجراءات الخاصة التي اتخذت ضد عمليات غسيل الأموال والمخاطر، وبالتالي ففصل نشاط الإقراض عن الاستثمار كان ضروريا لضبط الرقابة على الشركات الاستثمارية.

وزاد ان القرار سيساهم في إنشاء شركات متخصصة تعزز السوق وتنشط حركة العمل في ظل تعدد الجهات الرقابية من "المركزي" والتجارة وهيئة اسواق المال، مضيفا ان اغلب شركات الاستثمار لا تمارس حق التمويل والإقراض، ومن ثم فلن تأخذ وقتا كثيرا، وأمرها محسوم بعكس الشركات التي تمارس الغرضين، ولذا فهي بحاجة الى وقت أطول لتعديل نظامها الأساسي واختيار النشاط الذي ترغب في ممارسته.

 

السلطان: سيساعد الشركات الاستثمارية على التخصص في النشاط

قال مستشار مجلس الإدارة في شركة أرزاق كابيتال القابضة صلاح السلطان ان القرار كان ضروريا لفض التشابك الرقابي بين كل من البنك المركزي وهيئة اسواق المال، لاسيما ان لكل منهما اشتراطات خاصة مما يؤدى الى العديد من الإشكاليات للشركات الاستثمارية العاملة في مجالي الاستثمار والتمويل، مضيفا ان القرار جاء لتنظيم السوق نظرا لوجود أكثر من جهة رقابية، وبالتالي كان هناك تداخل واضح بين الجهتين، وسيساهم القرار الجديد في تنظيم عمل الشركات الاستثمارية.

ولفت السلطان الى ان الشركات الاستثمارية تحتاج الى وقت أطول لحسم الأمر، وستحتاج الى قيام الشركات باعادة تنظيم اعمالها خاصة ان الشركات التي تعمل في المجالين تتداخل أرباحها وخسائرها والنتائج المالية باعتبارها شركة واحدة، ولكن بعد تطبيق القرار أصبح الأمر يحتاج الى اعادة ترتيب البيت من خلال التحول الى شركات قابضة تضم الشركات القديمة والجديدة التي ستؤسس.

واضاف ان القرار سيساعد الشركات الاستثمارية على التخصص في نشاطات معينه بحيث لا يكون هناك أي تداخلات في الانشطة التي تمارسها الشركة، مضيفا ان القرار اذا تم تفعيله فستكون له فوائد كثيرة تصب في مصلحة الجميع.