رواية الاتجار بالبشر

نشر في 05-12-2010
آخر تحديث 05-12-2010 | 00:01
 آدم يوسف «الدبلوماسي... موظف يوفد إلى الخارج ليكذب بالنيابة عن بلده»

إفيوما شنوبا

...

أفادت الروائية النيجيرية أفيوما شنوبا كثيراً من خبرتها الدبلوماسية، وثقافتها المتنوعة، فهي تنحدر من خلفية ثقافية إنكليزية، وفرنسية، إذ أتمت تعليمها العالي بين فرنسا، ولاغوس في نيجيريا، كما ابتعثت دبلوماسية إلى بلدان عدّة في كل من غانا، وفرنسا وإيطاليا. وتشغل حالياً نائب رئيس البعثة الدبلوماسية النيجيرية في أوتاوا بكندا.

توظف إفيوما شنوبا كل العوامل السابقة لصياغة أعمال إبداعية لا تخرج كثيراً عن جذورها الإفريقية، ولعل ذلك ما جعل روايتها «تجار اللحم البشري» تحظى باهتمام إعلامي ورسمي في بلدها نيجيريا، وتُترجم إلى عدّة لغات من بينها العربية (المركز القومي للترجمة). فنحن هنا أمام عمل يطغى عليه المضمون بامتياز، وأمام كتابة إبداعية تُصنف ضمن قائمة الأعمال المعنية بالقضايا الكبرى.

تتحدث الرواية عن هجرة، أو تهجير الفتيات النيجيريات إلى إيطاليا بهدف الدعارة، أو إن شئت قل «الاتجار بالبشر». ينحدر معظم هؤلاء الفتيات من منطقة واحدة مدينة بنين. وهي ذاتها المنطقة التي تنحدر منها مؤلفة الرواية. تحوي الرواية ستة وعشرين فصلاً، وتمتد إلى مئتين وعشرين صفحة. يكثر عدد الشخصيات وتتداخل أحداثها إلى حد يشعرك بترهل العمل، وانفلات زمامه أحياناً، إلا أن خيطاً مشتركاً يربط جميع هذه الأحداث، وبالطبع سيشعر بالتململ، من يقرأ الرواية وفي مخيّلته مشاهدة فيلم سينمائي عن بنات الليل في شوارع ميلانو. العمل تصويري في بعض جوانبه إلا أنه لا يخلو من التحليل والتساؤل العميق بشأن هذه القضية.

تصادفك الكاتبة بكم هائل من الشخصيات وإن كانت الرئيسية منها تنصب في «المعلمات» وهن النساء اللائي يجلبن هؤلاء الفتيات من نيجيريا ويجبرنهن على العمل في شوارع إيطاليا. وثمة شخصية رئيسية أخرى تتمثل في إحدى هؤلاء الفتيات، تتبع الكاتبة قصة هجرتها من مدينة بنين في نيجيريا وحتى وصولها إلى إيطاليا، بعد خدعتها بتأمين «عمل شريف» لها، ولكنها بعد الوصول تفاجأ بوقوعها في يد عصابة تُجبرها على البغاء. يدير هذه العصابة مجموعة من «المعلمات» اللائي كنّ في الأساس بنات ليل، ثم تطوّرن إلى حد تكوين «بزنز» خاص بهن.

تحدد الكاتبة عشرة فصول أولى لمناقشة خفايا الدبلوماسية، والمبتعثين الدبلوماسيين إلى الخارج، لا سيما بلدان إفريقيا، جنوبها وغربها، وهي خبايا لا يمكن لأي كاتب أن يستوعب مداخلها ما لم يكن عمل مسبقاً في هذا الحقل، المشبع بالتنقل، والتنقل المستمر إلى مكان إلى آخر.

تتقاطع حياة هؤلاء الدبلوماسيين مع جميع أبناء جلدتهم بما في ذلك فتيات الليل، بل إن بعضهم يستمتع بإقامة علاقات معهن، في حين يتخاذل عن حمايتهن حين يتعرّضن للقتل في شوارع ميلانو أواخر الليل. ذلك يفسّر انطلاق الرواية بحادثة قتل لإحدى الفتيات، وبعد سرد مفصّل لهيئة القتيلة، وزيّها، وملامح وجهها، نفاجأ بأن القضية تدوّن – بكل بساطة- ضد مجهول، بل إن الشرطة الإيطالية لا تكلّف نفسها عناء البحث لعدة أيام، وتكتفي بإرسال دورية لتمشيط المنطقة، ولملمة حاجيات الفتاة المغدورة «سجائر، وبنطال، وبعض أشياء التجميل» . وتصطدم القنصلية المعنية بشأن هؤلاء الفتيات بعدة عوائق إن هي أرادت إرسال جثامين الفتيات إلى أوطانهن، إذ يتعذّر الوصول إلى عنوان لهن في وطنهن، أو حتى رقم هاتف. ويتم التخلص في هذه الحالة من الجثة «بالطرق المعتادة».

تهتك الرواية كثيراً من الأسرار التي يحتفظ بها الجميع، وقلّما يتحدث أحد عنها، بل إنها تدين سلطات بلدها التي تتخاذل عن حماية مواطنيها، وتدين السلطات الإيطالية التي تنسى أو تتناسى حقوق هؤلاء الفتيات، مع تورّط بعض الإيطاليين في أعمال جلب واستغلال لهؤلاء الفتيات.

ترجم الرواية إلى العربية صبري محمد حسن.

back to top