أعلنت الأكاديمية السويدية في ستوكهولم منح جائزة "نوبل" للآداب لعام 2010 الى الروائي البيروفي ماريو فارغاس يوسا (74 عاماً)، موضحةً  أنّها منحته الجائزة تتويجاً "لصوره المحددة المعالم للمقاومة والتمرد والهزيمة".

Ad

 ولم يكن مفاجئاً أن ينال الروائي البيروفي الجائزة، فاسمه كان مطروحاً منذ سنوات على لائحة المرشحين، وهو يعتبر أحد الروائيين البارزين في العالم وليس مغموراً كما هي حال بعض الفائزين بالجائزة في السنوات الماضية، وله مواقفه السياسية الخاصة في قضايا كثيرة، والتي تجلّت في زياراته الى بعض بلدان المشرق العربي مثل سورية ولبنان والعراق، حيث كتب بعض المقالات، ولعل أبرزها مقالة بعنوان "في ظلال الأرز"، يصف فيها بيروت وكأنه أحد سكان لبنان.

يوسا أحد المنافسين الحقيقيين لغابرييل غارسيل ماركيز في الرواية. فهو صاحب روايات "حفلة التيس" و"الفردوس على الناصية الأخرى" و"امتداح الخالة" و"شيطنات الطفلة الخبيثة" و"من قتل بالومينو موليرو".

يوسا أكثر من روائي وكاتب، فهو ارتبط في البداية بأجواء اليسار في بلاده، في ظل تأثير أفكار الفرنسي جان بول سارتر عليه، إذ كان يعتقد "أن الكلمات ليست سوى أفعال" وبعد مرحلة من التدقيق في مزاعم سلطة هذا الأدب، الذي اشتغل عليه في البدايات، قام بمراجعة لوجهة نظره تلك واقترح صيغة أقل تحريضاً، ميدانها أكثر واقعية.

في عام 1988، وفي قلب انشغالاته السياسية، فاجأ يوسا الجميع بإصدار رواية تبتعد كثيراً عن اهتماماته في تلك الحقبة، وهي "مديح زوجة الأب" (أو "امتداح الخالة" بحسب ترجمة أخرى)، وهي رواية ماجنة أيروسية، تشكل كتاباً لجميع العقد الفرويدية... وقحة وربما لا تختلف عن حياة يوسا. وسرعان ما كتب "حفلة التيس" التي تفكك شخصية الديكتاتور في أميركا اللاتينية.

بين المجون وأدب الديكتاتور، ترشّح يوسا للانتخابات الرئاسية في البيرو عام 1990، فخسر أمام غريمه ألبرتو فوجيموري.  فـ"زعل" من بلاده بعد خسارته في السباق الرئاسي. وإثر ذلك، قصد إسبانيا التي قبل جنسيّتها، ويتنقّل اليوم بين أوروبا والبيرو كــ"سمكة في الماء"، واتُّهم بالموافقة على كل ما تفعله الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية. وهو نفسه يعترف بأنه يشارك الغزاة الأوروبيين التفكير، ويدعو الى التضحية بحضارة أميركا اللاتينية الأصلية لتحديث مجتمعاتها.

يوسا المشهور برواياته والتي تُرجمت بمعظمها الى العربية، بات معروفاً بخصومته مع الروائي ماركيز، واللافت أن الروائيين كانا صديقين في يوم ما، وتشاجرا عام 1976 في صالة سينما مكسيكية، ووصل بهما الأمر الى التشابك بالأيدي. ليتحوّل خلافهما مع الوقت الى "أسطورة".

وقد روَّج البعض أن سبب الخلاف الحقيقي تنافسٌ على قلب امرأة، فيما اتخذ الصراع شكل تباين في المواقف السياسية. وما كان ينقص الشجار بين ماركيز ويوسا إلا الدليل الوثائقي، الذي تحقّق مع نشر صورتين شخصيّتين بالأبيض والأسود التُقطتا في يوم الحب عام 1976 في مكسيكو سيتي، وفيها يظهر ماركيز وحول عينيه كدمة، وبدا مبتسماً وجدياً، بعد يومين من لكمة يوسا، ويُقال أن الكاتبين لم يتكلّم أحدهما مع الآخر منذ الشجار.

وُلد يوسا في البيرو بمدينة أركيبا عام 1936، وتنقّل في طفولته بين مدن عدة. وعاش مع أمه وجدّيه بعدما ترك والده أمه إثر ولادته بقليل، لكنه فوجئ في الحادية عشرة من عمره بعودة أبيه، بعد أن ظنّه ميتاً، ليعيش مع أسرته بعد أن فشل في مغامراته التجارية مفرغاً إحباطه بضرب زوجته وأولاده!‏

الخلافات المستمرة بين والديه، دفعت يوسا إلى دخول الأكاديمية العسكرية (لولسيدو بارادو: 1950 ـ 1952) في ليما ليهرب من أسرته!‏ كذلك، عمل مصحّحاً في صحيفة يومية ثم مراسلاً، وقد فكّر جدياً بالتفرّغ للصحافة، لكن أسرته أجبرته على دراسة الحقوق.

‏ في عام 1955، في التاسعة عشرة من عمره، تزوّج جوليا إركيدي التي تكبره بثلاث عشرة سنة، ولم يستطع تسجيل زواجه إلا بعد أن اضطر إلى تزوير تاريخ ميلاده، وقد انفصلا عام 1964، ثم تزوّج عام 1965 من باتريكا، ولديهما ولدان وابنة.‏

أمّا المعترك السياسي، فدخله يوسا خلال دراسته الجامعية، فتعرّف آنذاك إلى المتطرّفين السياسيين، من دون أن يلهيه ذلك عن المشاركة في النوادي الأدبية، أضف إلى ذلك أنه درس الأدب والقانون، لكنه تفرّغ لدراسة الأدب.‏