هل من الممكن أن تقوم بعض الحكومات العربية بإلغاء الميادين أو «الدوّارات» كما يطلق عليها في اللهجة المحلية، وتحويلها إلى أنفاق؟!
سؤال يتبادر إلى الذهن مع تزايد احتجاجات الشعوب العربية التي يبدو أنها سلكت نهجاً واحداً في أكثر من موقع للتعبير عما تعانيه من بؤس، فبعد عبارة «الشعب يريد إسقاط النظام» التي باتت صدى يتردد في بعض العواصم العربية، بدأت بعض الشعوب باللجوء إلى الميادين العامة أو «الدوّارات» كما يطلق عليها في بعض الدول كموقع استراتيجي للثورات!الشعوب العربية في قضية الخروج بمظاهرات، وإن كانت سلمية، لم تعتد الوقوف صامدة في مواجهات مستمرة ودامية مع أنظمتها لأيام عدة، خصوصاً أنها كانت تطبق نظرية «لا أسمع لا أرى لا أتكلم»، والموافقة على كل ما تطرحه حكوماتها، على العكس تماماً من بقية شعوب العالم المتقدم التي اعتادت الخروج بكامل حريتها، وفي حماية الجهات الأمنية. والمفارقة العجيبة أن الشعوب العربية أثبتت أنها تمتلك قدرات هائلة، ليس للتعبير عن رأيها فقط، بل ربما في التسبب بإزاحة الأنظمة الحاكمة، وهذا ما شاهده العالم في كل من تونس ومصر إضافة إلى ليبيا التي يبدو أنها تسير الآن على الطريق نفسه. ولايزال السر مجهولاً في إصرار الشعوب واتفاقها- على غير العادة- في اختيار الميادين والدوارات الرئيسة في بعض العواصم لتكون نقطة انطلاق الاحتجاجات!ففي مصر احتل المتظاهرون «ميدان التحرير»، وقاموا بتحويله إلى معارض فنية ولوحات لا تخلو من الفكاهة لتعبر عن واقع الحال التي يعيشها أبناء النيل، وفي مملكة البحرين لاتزال الأوضاع كما هي عليها منذ أسابيع، إذ يسيطر الشباب على «دوار اللؤلؤة» بانتظار تحقيق المطالب، والوضع لا يختلف كثيرا في اليمن الذي يعاني هو الآخر اضطرابات بين متظاهرين وقوات الأمن في موقع يطلق عليه «ميدان التغيير» أيضاً، بالإضافة إلى ظهور مظاهرات في الأيام الماضية في سلطنة عمان، قام خلالها المحتجون بالاستيلاء على «دوّاري الميناء والكرة الأرضية» في مدينة صحار، وهي كلها أحداث تثير الاستغراب ليس كحدث طارئ، بل لأن الشعوب العربية اتفقت أخيراً على أمر واحد فقط، وهو اللجوء إلى الميادين و»الدوّارات» للتعبير عن واقع الحال!ومع ارتفاع وتيرة الاحتجاجات وحرارتها في العالم العربي بشكل غير مسبوق، نخشى أن تلجأ الحكومات العربية إلى تغيير خططها التنموية للسنوات القادمة بحيث يتم إلغاء الميادين أو «الدّوارات» بشكل نهائي، على أن يتم الاستعانة بجسور متواصلة تصب في البحر أو النهر، أو عمل أنفاق تحجب الهواء عن المتظاهرين، ولمنع الفضائيات غير المرغوب فيها من تغطية المواجهات بين الشعوب العربية وأبناء جلدتهم من قوات الأمن، خصوصاً القنوات الشامتة أو المحرّضة حسبما تدّعي بعض هذه الأنظمة، فهل سيسعف الوقت بعض الحكومات لتنفيذ هذا المخطط، أم سنتعرف قريباً على أسماء ميادين و»دوّارات» جديدة في دول عربية أخرى؟! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
الدوّارات ترعب الأنظمة العربية!
19-03-2011