المطالبة برحيل الحكومة لم تعد مطلب المعارضة السياسية ونواب التأزيم كما يود البعض أن يطلق عليهم هذه التسمية بعد أن كانت مقرونة بالحكومة وبعض وزرائها حتى نهاية 2008، فعلى الرغم من المحاولات المستميتة من بعض النواب لإسقاط الحكومة منذ بداية الفصل التشريعي الحالي من خلال الاستجوابات المتكررة لسمو رئيس مجلس الوزراء, إضافة إلى محاولة الاستجوابات بالجملة وانتهاء بمساءلة كل وزير على حدة فإن الحكومة بقيت صامدة، ولها من الأغلبية البرلمانية ما يبقيها دستورياً وإن بدا هذا التأييد النيابي يتراجع إلى حد كبير, وهذا واضح بشكل لا ريب فيه في طلب عدم التعاون الأخير، وقد يتأكد استمرار ضعف خط الدفاع البرلماني عن الحكومة في الاستجواب الجديد المقدم إلى وزير الداخلية.فاللعبة السياسية التي تمارسها المعارضة, ومهما فسرت نواياها بالشخصانية أو التأزيم أو السعي من أجل الإطاحة بحكومة الشيخ ناصر المحمد, معلنة ومكشوفة ومنظمة, ولكن المفارقة الكبيرة تكمن في المطالبات النيابية الموالية للحكومة في الإطاحة بها ولو بالغمز واللمز, الأمر الذي يحتاج إلى تفسير وتحليل آخر.
فمنذ استجواب سمو الرئيس حتى اليوم تزايدت التصريحات النيابية بشأن قراءة نتيجة التصويت على عدم التعاون مع الحكومة، خصوصاً من قبل بعض النواب المخضرمين سياسياً ومن أصحاب الخبرة النيابية العريقة, وقد تحمل مدلولات هذه القراءة إعادة النظر في التركيبة الحكومية وطبيعة العلاقة بين السلطتين.ثم أخذت المطالبات منحى جديدا يتمثل في الدعوة الصريحة إلى تعديل حكومي جذري يستبعد من خلاله الوزراء المحسوبون على تيارات المعارضة المشاغبة انطلاقاً من مبدأ المعاملة بالمثل وتطبيق القصاص السياسي عبر العين بالعين والسن بالسن!ووصلت بعض المطالبات النيابية من الأغلبية المؤيدة للحكومة إلى حد الإعلان الواضح عن الرغبة في إجراء تعديل واسع النطاق، وهذا ما يعني سياسياً تقديم الحكومة استقالتها بالكامل وإعادة تشكيلها من جديد!وهذا المشهد العام يوحي نظرياً بأن المعارضة ليست وحدها تطالب برحيل الحكومة بل حتى البعض من أشد مناصريها، فلماذا إذن حرام على المعارضة هذا الطلب وحلال على المولاة؟ وما السبب وراء الدعوة لمثل هذا التعديل الوزاري وفي هذا الوقت؟لعل هناك مجموعة من الأسباب وراء هذه الدعوة؛ منها عدم قدرة الكثير من النواب على الاستمرار في دعم الحكومة نتيجة للأخطاء المتكررة والقاتلة أحياناً، والتي توقعها في شرك المساءلة ومن ثم الحرج السياسي.وقد يكون من الأسباب التباين الواضح في المواقف على مجموعة من القضايا المصيرية والموضوعات المدرجة على جدول أعمال اللجان والمجلس بين النواب المؤيدين للحكومة من جهة والوزراء من جهةٍ أخرى، خصوصاً فيما يتعلق منها بحقوق المواطنين من موظفين ومتقاعدين وقضايا الأسرة والمرأة والامتيازات الشعبية, ولا نستغرب ذلك من نواب يشهد لهم بالمهنية العالية والخبرة في مثل هذه المواضيع.وأخيراً, قد تكون هناك فرصة ذهبية لبعض النواب في الدخول في أي تشكيلة وزارية جديدة، خصوصاً إذا كانت هناك نية في التوسع بتوزير النواب, كمحاولة لتطبيق الإصلاحات التي ظلوا ينادون بها منذ فترة، ولكنها كانت تواجه بالإهمال و»الطناش» الحكومي.ومهما تكن المبررات فإن دمج مطالب المعارضة والموالاة النيابيتين سوف تنتهي إلى نتيجة واحدة، وهي ضرورة رحيل الحكومة وعودتها بتشكيلة متجانسة ونهج مختلف ورغبة حقيقية في التعامل مع المجلس بشفافية وإيجابية لما تبقى من عمر هذا الفصل التشريعي طالما يرغب صاحب السمو الأمير في استمراره حتى النهاية. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
رحيل الحكومة!
25-01-2011