لدى سؤال أي مسؤول لبناني عمَّا ذاهب إليه لبنان فإن الجواب يأتي ضبابياً ومتأرجحاً وبدون أي جزم، لا في هذا الاتجاه ولا في ذلك، وبالتالي فإن الانطباع الذي يخرج به السائل هو أن هذا البلد المُبتلى بموقعه الجغرافي وبتركيبته الطائفية ذاهب إلى المجهول وأن قاَطِرته سوف تهوي إلى وادٍ سحيق عند أول منعطف يعترض طريقه، والمعروف أن طرق جبل لبنان هي عبارة عن انعطافات متعرجة كثيرة.
لا أحد يدري ما ستأتي به أخبار المحكمة الدولية، وكل كبار المسؤولين يشيرون عندما يُطرح عليهم سؤال بهذا الخصوص إلى الشيخ حسن نصرالله وهم يقولون على الفور وبلا أي تردد إنه هو الوحيد الذي لديه علم اليقين بالنسبة للقرار الظني الذي سيصدُر عن هذه المحكمة في سبتمبر المقبل، وبالنسبة لمن سيكون متهماً على أساس هذا القرار، وهل أن الدائرة ستقتصر على "غير المنضبطين" من حزبه أم أنها ستتسع لأسماء أخرى من لبنان ومن خارج لبنان؟!لكن كلهم يخافون المستقبل من منهم على مستوى كبار صناع القرار في لبنان، وهؤلاء هم زعماء الطوائف الرئيسية، ومن منهم مجرد مراقبين عاديين ومجرد صحافيين يتقاضون رواتبهم من جرائدهم وبعض المساكين الذين يصدقون كل ما يسمعونه لأنهم لا يعرفون أن أسلوب "التَّقية" في التعاطي السياسي لم يعد مقتصراً على الزعماء الجدد للطائفية الشيعية الكريمة بل شمل أيضاً كل زعماء الطوائف الأخرى وإن كان بعضهم لم يصل في "تكويعته" السياسية إلى "حدود تكْويعة" البيك وليد جنبلاط. الكل في لبنان لا يعرف أي شيء باستثناء الشيخ حسن نصرالله، والكل في لبنان يأخذ تصريحات وتلميحات "سيد المقاومة" على محْمل الجد "إن المحكمة الدولية صهيونية وتعمل لحساب إسرائيل" وهذا قاله ويقوله كل من محمود أحمدي نجاد وعلي فلايتي وكل رموز منظومة الولي الفقيه في إيران، وإن من يصدقها ويتعاطف معها ومع قراراتها هو جاسوس إسرائيل وعميل للصهيونية العالمية، وإن اتهامها لعناصر من حزب الله سوف يفجر حرباً أهلية جديدة، ولذلك فإن على كل من يعنيه الأمر أن يضع يديه منذ الآن على فمه وعلى عينيه وأذنيه وأن يبقى يردد إلى ما شاء الله: لا أدري لا أسمع لا أتكلم.إذن هناك استحقاق خطير ينتظر اللبنانيين عند منعطف سبتمبر المقبل طالما أن الشيخ حسن نصرالله يعلم ويعرف أن قراراً ظنياً سيصدر عن المحكمة الدولية في هذا الشهر، وأن هذا القرار سيتضمن اتهاماً مباشراً لعناصر من حزب الله، هُم الذين قال سعد الحريري إنه سيتعامل مع قضية اتهامهم على أنهم غير منضبطين، وإنه إذا صدر مثل هذا الاتهام فإن لبنان سيغرق في الدماء حتى أذنيه ما لم يطأطئ زعماء الطوائف رؤوسهم ويبادرون إلى الحداء وراء سيد المقاومة: إن الذي قتل رفيق الحريري هو إسرائيل وإن هذه المحكمة صهيونية وإنها بالأساس قد شكِّلت لخدمة المخططات الإسرائيلية.
أخر كلام
وحدهُ نصرالله الذي يعلم!
09-08-2010