الثورة الشعبية التونسية التي أطلق عليها البعض ثورة الياسمين قد تكون في طريقها لأن تفتح لنا نافذة مهمة في محاسبة الطغاة والبغاة وشركائهم من المحتالين والمجرمين بحق الإنسانية.

فعلى العكس من العديد من حالات التغير السياسي التي أطاحت بطاغية هنا أو دكتاتور هناك، فالثورة التونسية لن يتوفر على رأس حكومتها من يدعم الدكتاتور الهارب، وهي فرصة نادرة للمضي في إجراءات المحاسبة الحقيقية المؤسسية، وليس الانتقام، وليس عدالة المنتصر المشكوك فيها عادة.

Ad

فقبل أيام أعلنت المفوضة السامية لحقوق الإنسان السيدة نافي بيلاي تجهيزها لوفد أممي لزيارة تونس لتقصي الحقائق وبحث وسائل تقديم المساعدة الفنية لتونس الشعب.

جاء ذلك الإعلان على إثر اجتماع هام عقدته مجموعة أساسية من المنظمات الدولية غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان بجنيف، وهي منظمة العفو الدولية، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ومنظمة هيومان رايتس ووتش، ومنظمة مراسلون بلا حدود، والشبكة الأورو متوسطية لحقوق الإنسان، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، ناقشوا فيه الأوضاع في تونس، وقدموا مجموعة من التوصيات، كما طالبوا الأمم المتحدة بأن تضطلع بدورها لمساعدة الشعب التونسي في هذا الظرف الصعب الذي يمر به. وبالتالي كانت استجابة المفوضة السامية بإعلانها تشكيل الوفد المزمع ذهابه لتونس.

كان واضحاً في البيان الصحافي الذي صدر عن السيدة بيلاي الإشارة إلى أن من ضمن مهام الوفد تقصي الحقائق، وكذلك الإشارة إلى عدد القتلى الذين سقطوا في الأحداث الأخيرة وتحديد رقم منهم بأنهم قد قتلوا بالذخيرة الحية، وهي إشارات لا يمكن تجاهلها.

من جانبه، أشار رئيس الوزراء التونسي المؤقت محمد الغنوشي إلى أنه سيقوم بتعويض عائلات ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، كما أوضح أن هناك مبعوثين تونسيين سيتوجهون للدول العربية لإيضاح حقيقة ضرورة تعقب بن علي، وهي إجراءات غير كافية.

الفرصة التاريخية هنا لا يمكن تجاهلها، فنحن لسنا أمام بينوشيت آخر أو ميلوسيفيتش آخر أو تشارلز تايلور، أو حتى بشير آخر، بل إن الطريق ربما صار ممهداً لتفعيل المحاسبة الدولية صعوداً للمحكمة الجنائية الدولية إن أمكن.

إنها فرصة تاريخية إن تحققت فنحن أمام نتائج تاريخية في محاسبة الطغاة تتجاوز معطياتها سقوط طاغية بثورة شعبية.

كيف يتم ذلك؟ للحديث بقية.