اليوم هو اليوم الموعود... يوم الاستجواب الثامن لرئيس مجلس الوزراء، وككل الاستجوابات السابقة للرئيس، أعني تلك التي كُتب لها أن تصل إلى المواجهة تحت قبة البرلمان، فإن هذا الاستجواب سيكون في جلسة سرية أيضاً، والحكومة تملك العدد الكافي من الأصوات النيابية للوصول إلى هذا المبتغى كما هو واضح.
أنا شخصيا ضد سرية جلسات الاستجواب جميعها من حيث المبدأ، فالممارسة البرلمانية في فهمي، هي مشاركة الأمة في إدارة الحراك السياسي لبلادها عبر نوابها، ولا يمكن أن يُقبل منطقياً أن يمنع الطرف الأصيل (الأمة) عن متابعة ما يجري في البرلمان، خصوصاً في قضية حيوية جداً كاستجواب الرئيس، ويُكتفى بوجود الوكيل (النواب)! أستطيع أن أفهم الجنوح إلى طلب السرية لبعض الجلسات مثل تلك التي ستتطرق لموضوعات تمس أمن الدولة أو الأسرار العسكرية أو ما شابه، لكنني لا يمكن أن أرى استجواب رئيس الوزراء، هذه المرة بالأخص، على هذه الشاكلة، خصوصاً أن كل تفصيلات المسألة، وكل ما يُحتمل أن يطرح فيها، قد كان مبذولاً للصحافة وفي الإنترنت وفي الديوانيات والمجالس طوال المدة السابقة، ولا أتوقع أن تكون هناك أي مفاجآت حقيقية!لكنني مع ذلك أعلم أن إصرار الحكومة على تحويل هذه الجلسات إلى جلسات سرية واستخدامها لحقها القانوني في ذلك، كما تقول، لا ينبع في المقام الأول من أن ما سيطرح فيها يجب ألا يكون للتداول العلني، ولا من كونها تريد تفويت الفرصة على نواب الاستجواب من تحقيق انتصارات إعلامية وانتخابية وتجريح الحكومة علناً، بقدر ما أن هذه الخطوة، أعني تحويل الجلسة إلى سرية، تمثل بالنسبة لها جزءاً من الانتصار في المعركة، وواحدة من اللكمات التي توجهها إلى خصمها، ومؤشراً على سيطرتها على مسار الصراع حتى اللحظة.ليس مهماً ما سيطرحه نواب الاستجواب في الجلسة، كما ذكرت، فلا يوجد أكثر مما قيل ونشر، وليس مهماً جداً كيف سيكون الرد الحكومي، فهو غالباً لن يخرج عن ذات الأسلوب الذي اتبع في المرات السابقة، لكن المهم هو حساب الأصوات التي ستقف في صف طرح الثقة، وحتى اللحظة يبدو أن الأمور تقف عند خط التماس، وليس واضحاً إلى أين ستتجه؟المنطق عندي يقول إن النظام لا يمكن أن يقبل بالهزيمة، وسيستخدم كل الوسائل الممكنة لمنع ذلك، وسنشاهد ذلك وبضراوة خلال الأيام القادمة، وقد يصل به الأمر، إن خرجت الأمور عن حساباته، إلى حل الحكومة وإعادة تكليف الشيخ ناصر بتشكيلها مجدداً.لكن بالرغم من هذا، فيجدر الانتباه إلى أن وصول كتلة نواب الاستجواب إلى حشد هذا الرقم المرتفع من المؤيدين هو مؤشر مهم وجارح جداً بحد ذاته، ولا يجب الاستخفاف به حتى إن لم يصل إلى درجة طرح الثقة بالرئيس، بل يحق للبعض أن يسجله وحده على هيئة انتصار لهذه الكتلة.وأنا مؤمن جداً بأن في مقدور خط المعارضة أن يحقق الكثير من التقدم والنجاح الحقيقي على أرض الواقع، لو هو قلل من حركته واندفاعه المستمر، والتفت إلى نفسه لبعض الوقت لترتيب صفوفه ولملمة أوراقه وإعادة بناء جسوره الداخلية، ورسم خطة تحرك حقيقية لا تعمل بنظام رد الفعل.وكم أتمنى لو بدأنا رؤية هذا فعلاً خلال الفترة القادمة، لأنه سيكون في مصلحة الجميع، بما فيها النظام نفسه ربما. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
ما بعد استجواب الرئيس!
28-12-2010