ما الذي يحدث للمرأة الكويتية؟!!

Ad

شيء غريب، وتغيرات عجيبة أخذت تعجن المرأة وتدعكها وتهرسها، لتخرج لنا في قوالب مثيرة للضحك والشفقة والحسرة والتساؤل!

في أحد المراكز الصحية، ومن وراء الشباك الزجاجي تكرر أمامي مشهد اعتيادي بات من مفردات الحياة الوظيفية في كل موقع ومؤسسة: الموظفة تكتب الموعد القادم، وبين كل حرف والثاني، كانت تستكمل (قزقزة اللب) أو تقشير (الحَب)! وقد تكوم أمامها تل من القشور على بطاقة أحد المراجعين! لم يهزني هذا المنظر المألوف لموظفات أصبح زيهن الرسمي الطقم المكون من العباءة السوداء والحجاب الأسود، يتجمعن ثُلاثَ ورُباعَ وخُماسَ وراء شباك خدمات لا يحتاج غير واحدة، أما الأخريات فانصرفن إلى السوالف الجانبية والتحديق في الفراغ، وقد تناثرت حولهن علب البيبسي والكاكاو وبقايا الصمون!

أما طقم العباءة والحجاب الأسودين فحكايته حكاية! لأنه ببساطة أصبح الزي الرسمي في كل موقع وظيفي! في المستشفيات والمطارات والمدارس والبنوك والدوائر الحكومية. فهو ببساطة يُلبس فوق ما تيسر دون عناء، وهو ذو لون واحد وتفصيل معروف لا يكلف مشقة الانتقاء والاختيار كل صباح، وهو أخيراً وليس آخراً زي رخيص وغير مكلف. وقد تستكمل أم عبدالله وأم محمد زيهما اليومي بنقاب يخفي الوجه، ويجعل إمكانية التعرف من خلال (باج) أو هوية وظيفية مسألة محرمة ومهمة مستحيلة، ومَهلَكة دونها خرط القتاد!

أما إذا أردت أن ترى الوجه النقيض لأم عبدالله وأم محمد، فما عليك إلا أن تتجه إلى المولات الحديثة كالأفنيوز و360 مثلاً، ثم ما عليك إلا أن تجلس في أحد المقاهي لتتفرج على عرض مجاني لزرافات من النسوة والفتيات في أزياء عجيبة! فتحار فيما ترى، وتظن أنك ربما هبطتَ إلى كوكب المريخ أو الزهرة دون أن تدري، أو ربما أتيت – عرضاً - إلى حفلة تنكرية!... حجابات منفوخة، ورؤوس ضخمة وأخرى مستطيلة وثالثة مفلطحة... شعور ملفوفة بالشيفون المهفهف من فوق، لتوهمك صاحبته بأنها من من فئة المحجبات، ولكن ما إن تهبط عيناك إلى تحت حتى تُصدم بجينز أو سترتش يفصّل الأعضاء تفصيلاً! ألوان متضاربة وموديلات بقصات غرائبية وستايلات لم تفكر بها (أجدع) دور الأزياء العالمية! أما أصباغ الوجوه ورسمات العيون وألوان العدسات اللاصقة وأشكال الحواجب الصينية والشيطانية فتأخذك إلى عالم من الفانتازيا الصاخبة.

وقد يظن أحدنا أنه بمأمن من هذا التلوث الذوقي والبصري حين يقبع في بيته لا يريم، ولكن أمانيه ستذهب أدراج الرياح ما إن يدير جهاز التلفزيون، لتقفز إلى صالة معيشته كل مهرّجات المولات سابقات الذكر! فلله درّ فضائياتنا المحلية (الصاعدة)، حين لم تفرق بين الوجه التلفزيوني الأليف الجذاب، وما أندره، وبين الطلة المنفرة والجمال الرديء السمج الذي شوهته المستحضرات والأصباغ، وبهرجته تقاليع من ألبسة صادمة للنظر والذوق!

تُرى ماذا حل بالمرأة الكويتية؟ وأي كارثة عصفت بذوقها ولمساتها الراقية وطلتها الجذابة واختياراتها الرفيعة؟!

لقد مضى حين من الدهر كانت فيه أناقة المرأة الكويتية و(نزاكتها) وذوقها الرفيع علامة مسجلة لها باستحقاق وامتياز. وكان من السهولة بمكان التعرف عليها في أي بلد أو مصيف أو موقع تحل به، وذلك من خلال ملاحظة مظهرها ولباسها وهيئتها الراقية البسيطة بلا ابتذال أو مبالغة. وكان يمكن بسهولة التفريق ما بين الكويتية وبين السعودية والإماراتية والقطرية أو غيرها من الجنسيات الأخرى، فقد كان لها هي بالذات سَمْت وهيئة وذوق خاص تتميز به. أما اليوم فيبدو أنها أضاعت مشيتها ولم تعد حمامة ولا غراباً!!

لا أعتقد بأن لتقلبات التوجهات الاجتماعية من محافظة أو انفتاح أو تدين دخلاً فيما يحدث، ولا أعتبرها سبباً في إصابة أذواق نسائنا في مقتل. إذ يكفي أن تكون المرأة بسيطة ومحتشمة ومراعية للياقات الاجتماعية والذوق العام، لتحوز القبول والاحترام، بغض النظر عن كونها سافرة أو محجبة أو بين بين.

إذن ما أسباب ما يحدث؟! هل لديكم إجابة؟؟