لم أستطع أن أقمع إنسانيتي أو أركن إلى نزعة انتمائي المذهبي لتردعني عن أن أشجب بل أصرخ مندداً بما شاهدته على موقع ما يسمى «ثورة 14 فبراير يوم الغضب في البحرين» على «فيس بوك» من مجموعة صور للطفل البحريني القتيل سيد أحمد شمس، وصور أخرى لمجموعة من الشرطة البحرينية، وهي تنكّل بثلاثة مواطنين مقيدين على الأرض، يتناوب أكثر من خمسة رجال أمن على ضربهم قرب قرية كرانة عصر الأربعاء الماضي، وبجانبهم دورية شرطة واضحة المعالم والطراز وحتى أرقام اللوحة، ولن تثنيني كل تبريرات المؤامرة الإيرانية وذراعها المتمثلة في حزب الله بما فيها من مخططات ضد البحرين، عن أن أقول إن ما يمارس في البحرين ضد المدنيين المحتجين خطأ... خطأ... خطأ يرقى بعضه إلى حد الجرائم.

أعلم أن الإيرانيين مارسوا أبشع الجرائم ضد شعبهم، ونكلوا بالمعارضين في شوارع طهران ومشهد وأصفهان، كما يبرر البعض ما يحدث في البحرين، ولكن لا يمكن أن يكون ذلك التبرير حجة لنتغاضى عما يحدث في الضفة المقابلة على أرض البحرين، فالمبادئ لا تُكيف حسب الطلب، والضمير لا يستيقظ وفقاً للأهواء، ولن أكون- مع الفارق- كالقوميين العرب والإسلاميين الذين أشاحوا بوجههم عن جرائم صدام في الكويت بمبررات مواجهة المؤامرة الأميركية، وتمهيد الطريق لتحرير القدس، لتجعلني أسكت ولا أطالب بأن يتوقف ما يحدث في البحرين كإنسان.

Ad

ولكن من واجبي أيضاً أن أفضح من تسببوا- وهم شركاء- في ما يعانيه قطاع واسع من الشعب البحريني الشيعي، ممن قبلوا أن تُوكل مواقع قيادات المعارضة إلى شخصيات بالشكل الطائفي وبالصيغة الإيرانية في الملبس واللهجة والرموز والعلاقات الخارجية، وهم بلا شك بهذا الخطأ التاريخي متورطون ومتسببون في الأفعال التي تمارس ضد أهلهم، وكان على جمعية الوفاق وغيرها من التنظيمات السياسية البحرينية أن تنزع الرموز الدينية المذهبية عن قادتها قبل أن تنخرط في العمل السياسي حتى لا تُستدرج إلى مواجهة طائفية في بلدها، يدفع ثمنها الناس والأطفال الأبرياء تنكيلاً وقتلاً... ولكنني لا أستطيع أن أوقف قلمي ولساني، رغم ما أعيه من أخطاء المعارضة وتعنت السُلطة هناك، عن المطالبة بتسوية سياسية في مملكة البحرين توقف ما يمارس من تجاوزات وجرائم هناك.

***

بعد أن ثبت تورط الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومسؤولين رسميين فيها في شبكة التجسس في الكويت، وضلوع دبلوماسيين إيرانيين بصفتهم في مخططات تخريبية أمنية وسياسية واقتصادية عبر تلك الشبكة، وفقاً لما أعلنه وزير الخارجية الشيخ د. محمد الصباح والحكم القضائي الذي أثبت ذلك، ذهبت هباءً كل المحاولات التي تمت على مدى العشرين سنة الماضية للتعايش السلمي والتعاون مع الجارة الإسلامية، ووضح دون لبس أن إيران الثورية لديها مشروع واحد هو التمدد والهيمنة بأيديولوجية مذهبية متشددة، وأن كل حديثها عن الأمن الإقليمي المشترك هو مناورة وتغطية لمشروعها الأصلي الخفي، وثبت أن إيران برأسين: الأول وهمي وظيفته العلاقات العامة ومتمثل في الحكومة والبرلمان دون سلطة فاعلة، والآخر هو الحقيقي وهو لحرس الثورة وأجهزته المختلفة ومرجعيته الدينية التي تديره وتُوجهه لإتمام المشروع الأصلي، لذلك فإن مستقبل إقليم الخليج العربي أصبح في خطر كبير ومرحلة من عدم الاستقرار والمواجهات الكبرى التي أصبح واضحاً أن حكام إيران الحقيقيين يسعون إليها.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة