ورقة التوت للبشير

نشر في 23-12-2010
آخر تحديث 23-12-2010 | 00:01
 حسن العيسى لابد أنه كان مشهداً سال له لعاب الجماعات الأصولية التي تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية، وترفع شعار "الإسلام هو الحل" دون التفكير ولو للحظة واحدة ماذا يعني إعمال تلك الشعارات في زمننا الذي يملك رقاب الناس فيه أسوأ خلق الله من العصابات الدكتاتورية! يمكنكم مشاهدة صور ممارسة "اللذة" السادية في تعذيب المرأة "الجانحة" على موقع بي بي سي وأخبار السودان. امرأة فارعة الطول لفها الرداء الشعبي السوداني تقف في مواجهة رجل نحيل يلبس الملابس العسكرية ذات اللون الكاكي المرعب وبيده سوط طويل، يرفعه ويهوي به على جسد المسكينة، فتتراجع للخلف وهي "تولول" من الألم، ويلحقها بهدوء وثقة شديدة جلاد الخليفة "عمر البشير" بظهر مقوس باحثاً عن أفضل مكان في جسد المرأة ليفرقع السوط من جديد على الجسد الدامي، وتتوالى الضربات ويرتفع معها صراخ البائسة، ولا تسمع من جمهور الحاضرين غير عبارة "لا حول ولا قوة إلا بالله"! كان مشهداً فريداً لكيفية تطبيق الشريعة في الألفية الثالثة، ذكرنا بمشاهد طلبانية سابقة في تنفيذ أحكام الإعدام بالنساء بملاعب كرة القدم وأثناء الاستراحة، وذكرنا قبل ذلك بصور الأيدي المقطوعة من الرسغ لفقراء السودان في عهد الخليفة المؤمن جعفر النميري.

الرئيس السوداني سيف الله المسلول على الشعب السوداني وصف للمجتمع الدولي "روشتته" الخاصة، مهدداً بأنه سيطبق الشريعة إذا انفصل الجنوب السوداني عن شماله بعد الاستفتاء! حجة الرئيس الورع أنه بعد الانفصال لن يكون هناك تنوع ثقافي وعرقي في السودان، الذي كان حائلاً دون تطبيق الشريعة في الجنوب، لكن بعد الانفصال ستكون جلود أجساد الشماليين أكثر من سميكة لإقامة الحدود الشرعية، فلا عذر للفقر ولا عذر للجوع ولا عذر لاختلاف الفكر ولا عذر للإنسانية، فكل إنسان في السودان سيصبح "موضوعاً" حياً لأعمال وصفة الرئيس لكسب قلوب المسلمين المؤمنين في أمة لا إله إلا الله.

في بلد الرئيس "الشرعي" لثورة الإنقاذ هناك واحد من كل أربعة سودانيين معرض لخطر الجوع، أي أن ربع سكان السودان "يعانون انعدام الأمن الغذائي، والأسرة السودانية تنفق أكثر من 60 في المئة من دخلها على الغذاء"، كما لاحظت الكاتبة السودانية نهاد آدم.

هذا الرئيس التقي مطلوب للعدالة بجرائم الإبادة الجماعية لسكان دارفور، ومتهم بسرقة 9 مليارات دولار من قوت الشعب السوداني وإيداعها في بنوك أجنبية...! فهل هناك أفضل من وصفة "تطبيق الشريعة" لستر عورات هذا النظام وكل نظام آخر على شاكلته...؟ ومن حقي أن أقرر أن مثل هذا المقال سيكلف جريدة الجريدة ويكلفني بحدود مئتي ألف دينار إذا أقرت التعديلات الحكومية على قانون المطبوعات والنشر...! مع دعواتي الخالصة لنظامنا العربي.

back to top