انهالت عليّ الأسئلة والانتقادات المهذبة وما دون ذلك، إثر مقالي السابق، لكوني عبّرت عن عدم وجاهة خطوة التظاهر أو الاعتصام، لرفع شعار «رئيس جديد وحكومة جديدة ونهج جديد»، وشعارات إشهار الأحزاب والرئيس المنتخب والحكومة الشعبية المنتخبة، لقناعتي أن مثل هذه الحزمة من المطالبات، التي أتفق معها في المحصلة، لا يمكن أن تتحقق عبر مثل هذا الإجراء الآن، إنما بخطوات أكثر موضوعية وعملية.

Ad

انهالت علي الأسئلة، بطريقة ساخرة، تسألني عن ماهية هذه الخطوات الموضوعية العملية التي تحدثت عنها، وهي الأسئلة التي لم تخلُ من اتهام تشكيكي مبطن بأني أحاول خلق حجج واهية لمعارضة فكرة التظاهر والسلام، ولن أزعجكم طبعا بالتطرق إلى سيل الاتهامات بالانبطاحية والموالاة والحكومية، وغير ذلك من المفردات الراقية التي وردت من بعض من يزعمون انتماءهم، حفظهم الله، للمعارضة الوطنية الشريفة الراقية!

حسناً يا سادتي، ها نحن الآن في مرحلة ما بعد يوم 8 مارس، يوم تظاهرة الاعتصام التي نودي لها عبر الوسائل المختلفة، وصولاً إلى أن زعم البعض بأنه سيكون اعتصاماً مفتوحاً حتى تنفيذ المطالب، وغيره من التهويل الذي نشر وقيل،.الآن جاء دوري لتوجيه الأسئلة إلى من بارزوني بالأسئلة الهازئة بعيد مقالي السابق، ولن أكون هازئاً مثلهم بل جادا كل الجد، ولن أحمل لمن يخالفني سوى الاحترام: ما الخطوات الآن، بعدما تم استنفاد، ولن أقول حرق، خيار الاعتصام والتظاهر، بالطريقة التي تابعناها؟ وما الخطوات الإجرائية التي ستحصل للوصول إلى تنفيذ هذه المطالب؟ وما الذي نتج عن اعتصام أول من أمس غير إعلان المطالب نفسها التي كانت قد نشرت بالوسائل المختلفة سابقاً، وغير بضعة خطابات حماسية تكررت كثيراً من ذات الأشخاص في كل الاعتصامات الماضية بذات الأفكار، ولعلها أيضا بذات الكلمات، وغير إظهار أن هناك جمهوراً يؤيد هذه المطالب، وهو ما كان معروفا سابقا لكل الأطراف، وأولهم الحكومة؟

وهل فكرة التعديلات الدستورية التي طرحها الفاضل د. أحمد الخطيب، وهي التي أؤمن بضرورتها بالمناسبة، محل موافقة من النائب الفاضل العم أحمد السعدون على وجه الخصوص؟ ومن كل الكتل النيابية التي شاركت بالمظاهرة؟ وهل ستكون هي مسار التحرك القادم، وكيف؟

وسأكون أكثر وضوحاً في تساؤلات أخرى: من الرئيس الجديد الذي يدور في مخيلة المنادين بتغيير الرئيس، في ظل حصر الخيارات في أسماء معروفة داخل الأسرة؟ أم سيقال إنه لا يوجد اسم محدد وإن ذلك متروك لتقدير سمو الأمير باعتباره حقه الدستوري، وحينها سنسأل، أليس الشيخ ناصر المحمد هو خيار سمو الأمير لمرات عدة متتالية؟ فهل المسألة هي تغييره فقط، بغض النظر عمن سيكون القادم ونحن نعرف ما لهؤلاء وما عليهم؟ وما شكل الحكومة الجديدة المنادى بها؟ وهل هو مجرد استبعاد للأسماء الحالية واختيار أخرى؟ وكيف سيكون ذلك بغير ذات الطريقة التقليدية السابقة؟ وكيف ستحوز هذه الأسماء الأخرى رضا مختلف الأطراف، في حين لم يحصل ذلك في تاريخ أي من الحكومات التي سبقت، وكيف سيتسنى لها أن تعمل حينها؟ أم أن الأمر سيقوم على آلية مختلفة للتشكيل، كحكومة منتخبة مثلاً، وهو الأمر الذي سيتطلب تعديلاً دستورياً طبعاً، وسيعيدنا إلى التساؤلات السابقة عن مدى قبول الجميع بفكرة التعديلات الدستورية؟ وما النهج الجديد المراد في الإدارة الحكومية؟ أعني ما شكله وهيئته وخطواته؟ وكيف يمكن الإلزام بوضعه محل التطبيق من خلال اعتصام أو تظاهرة؟ وكذلك كيف يمكن إشهار الأحزاب دون المرور بالمسار البرلماني وتصويت أعضائه، الموالين للحكومة في جلهم؟ وهل يوافق أعضاء التكتل الشعبي، مثلاً، على هذا، أي على قيام الانتخابات على أساس حزبي، لا فردي؟

هذه ليست حججاً واهية، وليست تساؤلات مرسلة، لمجرد وضع العصا في دولاب التحرك السياسي نحو التغيير، لا والله، بل هي تساؤلات مستحقة، لابد أن توجد لها إجابات لنعرف إلى أين المسير.

وحتى لا يقال إني لا أجيد سوى طرح الأسئلة، فسأعلن بأن لدي رؤيتي الخاصة لكيف يكون التحرك نحو حلحلة أمورنا السياسية العالقة، وبالرغم من أني لست من تظاهر ولا من قام بتوزيع البطيخ بالأمس، وهي لفتة ظريفة بالمناسبة، وإن خلت من القيمة الحقيقية، فلعلي أطرحها، أعني رؤيتي، في مقالات قادمة. لكن سيبقى الأهم منها طبعاً، رؤية من تحركوا بالأمس من خلال الاعتصام واحتشد معهم بعض نوابنا الأفاضل وناشطينا. سؤالي لهم: ما الخطوة العملية القادمة؟

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة