تشير المصادر التاريخية إلى أن مدينة الكويت أسست في عام 1613، وتؤكد هذه المصادر العلاقة بين نشوء الكويت، مدينة ودولة، وحب وسعي أبنائها الى العلم والتعلم، مدللة على «وصول عيّنات من المخطوطات التي نُسخت في الكويت مبكراً، وتعود إحداها إلى عام 1628» كما يذكر الدكتور خليفة الوقيان في كتابة «الثقافة في الكويت، بواكير واتجاهات».

Ad

ويبدو جلياً للدارس لتاريخ الحركة الثقافية والتعليمية في الكويت، السبق الكبير الذي عُرفت به الكويت، في مجال الكتاب والتعليم، ففي عام 1911 أنشئت المدرسة «المباركية»، كأول مدرسة نظامية في الكويت. تلاها بعامين إنشاء، ما يمكن اعتباره، أول مكتبة أهلية في الكويت، وهي المكتبة التابعة «للجمعية الخيرية العربية»، وذلك في عام 1913. وظل على الدوام الجهد الحثيث لتأسيس المشاريع الثقافية، كالنادي الأدبي عام 1924، و»مجلة الكويت» التي أصدرها الشيخ عبدالعزيز الرشيد عام 1928، مروراً بإصدار «مجلة البعثة» من القاهرة عام 1946، وكذلك «مجلة العربي» عام 1958. ويُعد افتتاح جامعة الكويت صبيحة يوم 27 نوفمبر عام 1966، في عهد المرحوم سمو الشيخ صباح السالم الصباح، حدثاً ثقافياً تأسيسياً كبيراً ومهماً، مثلما يمكن النظر إليه بوصفه تدشيناً لمرحلة مهمة من تاريخ حركة التعليم في الكويت، وتأكيداً لاستكمال دولة الكويت، لدورة التعليم النظامي، بدءا من رياض الأطفال وانتهاءً بالتعليم الجامعي العالي.

كتاب «حكايتي مع الجامعة» للأستاذ الدكتور مبارك سعود العبيدي، هو واحد من الكتب القليلة التي تؤرخ بشكل دقيق وسلس ومشوق لمختلف المراحل التي مرت بها جامعة الكويت في مرحلة التأسيس. وتنبع أهمية الكتاب في أنه يجعل من السيرة الذاتية العلمية للأستاذ الدكتور مبارك العبيدي، مدخلاً توثيقياً لمسيرة الجامعة، فلقد عاصر الدكتور العبيدي هذه المسيرة، وكان أحدة بناتها بوصفه أول معيد كويتي التحق في الجامعة عام افتتاحها 1966، كما أنه أول عضو هيئة تدريس، وأول أستاذ كويتي بكلية العلوم، وأخيراً أول عميد كويتي.

إن حاجة المكتبة الكويتية الى الكتب التاريخية التوثيقية، تضفي على هذا الكتاب أهمية خاصة، وتجعل منه مرجعاً مهماً لابد منه لأي دارس لمسيرة جامعة الكويت، وما تجدر الإشارة إليه، هو أن الكتاب، وبالرغم من انغماسه في رصد المسيرة العلمية الشخصية للدكتور العبيدي، فإنه يؤكد أن المرحلة الأهم في هذه المسيرة تأتي يوم حطّ الدكتور العبيدي رحاله في الجامعة، وانشغل نظرياً وعملياً في معايشة أحداثها وتطورها، وشارك وقدم الأبحاث والتقارير والدراسات التي تمس روح هذه المسيرة، وتقول كلمة كانت على الدوام في القلب من الحدث التعليمي، بعيداً عن أي تطلع شخصي، واعتبار مصلحة الكويت العليا، ومصلحة الدارس الكويتي والعربي في جامعة الكويت، هي المهمة التي تعلو عليها أية مهمة أخرى.

كتاب «حكايتي مع الجامعة» رحلة إنسانية علمية توثيقية، تظهر كيف يمكن للعلم والتعلم أن يكون ملهماً وحادياً لمسيرة ابن من أبناء الكويت، وعالم من علمائها، مثلما يعدّ مرجعاً تاريخياً لواحدة من أهم الفترات التي عاشها المجتمع الكويتي.