ثبت بالدليل القاطع، إلا لأعمى البصيرة قبل البصر، أن مشروع حسن نصرالله وحزبه كان منذ البداية بمنزلة لغم كبير زُرِع في هذه المنطقة كي ينفجر في اللحظة المناسبة ويمزقها على أساس مذهبي وطائفي، ويضرب الوحدة الإسلامية التي صمدت في وجه عوادي الزمن مئات الأعوام، والتي فشلت حتى دول الاستعمار الغربي في زعزعتها في لحظة تاريخية حاسمة هي لحظة ما بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية.

Ad

أمس الأول استكمل حسن نصرالله حلقة الاستهداف الواضح للمحكمة الدولية، بإرسال مغاورية بثياب نسائية ليهاجموا فريق التحقيق الدولي التابع لهذه المحكمة، وليسيطروا على بعض الوثائق المهمة المتعلقة باغتيال رفيق الحريري، وهذا أدى إلى رفع درجة الاحتقان والتوتر بين السُّنة والشيعة تحديداً حتى الاقتراب من درجة الانفجار.

هناك إصرار من قبل "حزب الله"، والذين يقفون وراءه، على طيِّ صفحة اغتيال رفيق الحريري، وعلى إنهاء المحكمة الدولية، ولقد أصبح واضحاً وضوح الشمس وهي في كبد السماء في يوم صافي المزاج ثبوت ذلك المثل القائل: "يكاد المريب أن يقول خذوني"، ويقيناً لو أن هذا الحزب لم يرتكب هذه الجريمة لكان أحرص الناس على استكمال التحقيق وعلى دعمه بكل الوسائل، كي يصل إلى النقطة النهائية، وهي كشف الحقيقة ومعرفة الجهة التي قامت بهذا الفعل الشنيع.

ولعل ما يؤكد أن "حزب الله" كان منذ لحظة تأسيسه مشروع لغمٍ طائفي كبير لتفجير هذه المنطقة في هذه المرحلة، الحساسة والدقيقة والحرجة، أنه بات يعلن مذهبيته بدون مواربة، وأنه غدا يستهدف الطائفة السُّنية تحديداً، وأن عنوان هذا الاستهداف يتمثل في تشويه مرحلة رفيق الحريري وفي إسقاط المحكمة الدولية، ومنعها من أن تصل إلى الحقيقة التي غدت مطلباً لأغلبية اللبنانيين، وللعديد من الأطراف العربية والإسلامية.

وهنا فإن المشكلة تكمن في أن استهداف "حزب الله" لا تنحصر انعكاساته على لبنان فقط، وعلى المسلمين اللبنانيين الذين أصبحوا في عهد هذا الحزب طائفتين متناحرتين، بل أيضاً على العراق وكل الدول العربية والإسلامية التي فيها مثل هذا اللون الطائفي، وحقيقة إنْ لم تكن هذه مؤامرة لا تخدم إلا إسرائيل وكل الدول الطامعة في هذه المنطقة، فإنها تشكل جريمة ترتقي إلى مستوى المؤامرة.