أول العمود: حينما أغادر منزلي أواجه أقنعة الناس وتمثيلهم.
***عودنا بعض كبار المسؤولين أو أقطاب السياسة المخضرمين في أحاديثهم لوسائل الإعلام على القول إنهم يتوقون إلى كويت الستينيات والسبعينيات حينما كانت "درة الخليج"، وسأعود إلى وصف الدرة آخر المقال... هذا المنطق لا طعم له؛ لأن قائله كمن يروج لسيارة قديمة بأخرى حديثة غارقة بالإلكترونيات، فأولا نحن في الألفية الثانية وطبيعة الأشياء تسير نحو التقدم والتطور وملاحقة الجديد لا النظر إلى الأطلال، وأنا من المؤمنين بأن اليوم أفضل من الأمس. كما أنه ليس صحيحا أن كل أرشيف عقدي الستينيات والسبعينيات جيد ويجب أن يحتذى به سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي وحتى الاجتماعي، فلو نظرنا إلى الحراك السياسي اليوم لوجدناه أنشط وأكثر تنوعا من ذي قبل، واقتصاديا نحن أمام توسع كبير في استثمارات الدولة ونمو في القطاع الخاص، واجتماعيا نلاحظ تحرراً أكبر في العلاقات الاجتماعية كخروج المرأة للعمل، ومساهمة شرائح اجتماعية كانت مغمورة في كثير من القطاعات التطوعية ومؤسسات الدولة الأهلية والرسمية.كويت الستينيات انتهت إلى غير رجعة، وكويت اليوم تواجه تحديات التنمية البشرية، والكف عن العبث بالنفط، ومواجهة تحديات المجتمع الدولي في مسائل الاتصال والحريات، والدخول في منظومة حقوق الإنسان كما يجب أن تكون عليه كدولة صغيرة، والتنمية السياسية الداخلية عبر تطوير نظم الإدارة السياسية في الجهاز الإداري ونظام الانتخابات والأحزاب... هذه العناوين لم تكن مطروحة في أيام "درة الخليج"، لكنها حتما عناوين اليوم الذي نعيشه، فكيف نقول إننا نريد أن نرجع إلى الوراء.جيل الشباب اليوم على أنشط ما يكون لكن الكبار لا يلتفتون لهم بسبب نزف طاقاتهم في تولي المناصب والتقاتل على المناقصات. الحراك الذي يقوده الشباب يشكل علامة مهمة في المشهد السياسي، والمجاميع المنتجة من الفتيان والفتيات أصبحت اليوم مصدرا لصرخات متوالية تقول للكبار: انتبهوا لنا نحن موجودون. (أقرأ دوما مجلاتهم الجميلة التي توزع في بعض المقاهي).الكبار اليوم مرضى، لكن ما يرتجى منهم هو الالتفات إلى من هم أصغر سنا، فهم الأمل والمستقبل، وبهم تكون كويت الألفية الثانية... وكويت الأمس كانت تلائم يوم أمس برجالاتها وسكانها وإمكاناتها، وهي مواصفات لا تقوى على مواجهة كويت 2010... المطلوب انقلاب في المفاهيم... حتى مفاهيم الستينيات.أما وصف "درة الخليج"، ولأنني وعدت بتفسيره في المقدمة، فهو نسبي، على طريقة أنشتاين، كنا درة لأن من "حوالينا" لم يركبوا قطار التقدم في تلك اللحظة... حينما اشترى الشيخ عبدالله السالم جميع تذاكر القطار للكويتيين، وأمتعنا في رحلة لم تدم طويلا.
مقالات
لا نريد كويت الستينيات
31-10-2010