أقامت جمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية حلقة نقاشية تحت عنوان: «أول غيث خطة التنمية... إقصاء البنوك»، شارك فيها كل من الدكتور عدنان السلطان رئيس اللجنة الاقتصادية المنبثقة عن لجنة التنمية، التي تم تشكيلها بقرار من نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية الشيخ أحمد الفهد الصباح، ورئيس اتحاد المصارف حمد المرزوق، ورئيس جمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية محمد حمود الهاجري، والنائبة الدكتورة رولا دشتي، ورئيس مجموعة الأوراق المالية علي الموسى، ورئيسة مجلس إدارة شركة أدفانتج للاستشارات الاقتصادية، والدكتورة أماني بروسلي من جامعة الكويت، ورئيس مركز الجمان للاستشارات ناصر النفيسي، والدكتور رمضان الشراح أمين عام اتحاد الشركات الاستثمارية، ويوسف عثمان المجلهم المستشار في مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، ووزير التجارة السابق رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة النائب أحمد باقر، والسفيرة الأميركية في الكويت. وطرحت الحلقة النقاشية عدة تساؤلات كان أهمها: لماذا غاب عن واضعي الخطة ومن أقرها سياسات وآليات التمويل اللازمة؟ وهل هناك أمور أخرى غائبة؟ وهل يعقل أن أخطط لسفر بالسيارة دون تعبئة الخزان بالوقود فالتمويل وقود الخطة الإنمائية؟ كما تم طرح تساؤل حول المقصود بوجه التحديد بتمويل مشروعات الخطة. وهل هو محدد لمشاريع معينة؟ هل هو تمويل أم إنفاق؟ وما حجم المبالغ المخططة أساساً بالخطة للإنفاق الحكومي ولمساهمة القطاع الخاص من الـ37 ملياراً، كما تم التطرق إلى دور البنك المركزي من المقترحات، ودور الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية في خطة التنمية.

Ad

وأكد الحضور أن البنوك لديها القدرة الكاملة على تمويل مشاريع خطة التنمية، ولا يوجد أي مبرر لإيجاد آليات تمويل نرى أنها ستتسبب في هدر المال العام، ولن تقتصر آثارها المدمرة على هذا الهدر وإنما ستمتد لترفع مستوى المخاطر في وحدات القطاع المصرفي، بسبب المنافسة غير المتكافئة بين هذه الآليات التي ستتبع سياسات ائتمانية متراخية أو حتى معدومة بين البنوك. وأوضحوا أن البنوك متفائلة بإقرار خطة التنمية من مجلس الأمة في فبراير 2010، رغم عدم وضوح جوانب عديدة خصوصاً ما يتعلق بواقعية تنفيذ هذه المشاريع الكبيرة خلال فترة زمنية قصيرة، لاسيما مع التساؤلات حول الجدوى الاقتصادية لبعض المشاريع التي وردت في الخطة، وأيضاً قلق من أن الخطة ستكون شيئاً والتطبيق العملي سيكون شيئاً آخر تماماً بل ويتناقض مع الخطة.

المرزوق: البنوك لديها قاعدة رأسمالية تؤهلها لمنح ائتمان جديد يعادل 11 مليار دينار

أكد رئيس اتحاد المصارف رئيس مجلس ادارة البنك الأهلي المتحد حمد المرزوق أن البنوك الكويتية أول من طالب بضرورة وجود خطة انفاق حكومي عند بداية اندلاع الأزمة المالية العالمية، ولكن تفاؤلنا كان يشوبه الحذر عندما تم إقرار خطة التنمية في فبراير 2010، وبالرغم من أن الخطة الشاملة التي كنا نطمح إليها فإننا كنا نخشى أن تكون هناك جرعات سياسية تتسم بتطبيق الخطة، واعتقد أن بداية الغيث هي جرعة سياسية في اختيار طريقة التمويل، ولم تتم مراعاة الجوانب المهنية، مثل جانب تحويل الكويت الى مركز مالي، إذ ورد تعزيز دور البنك المركزي كجهة اشرافية ورقابية على الجهاز المالي في الكويت، واستخدام ادوات السياسة النقدية بما يسهم في دعم وتحريك وتطوير السوق المالي المحلي.

واشار المرزوق خلال الحلقة النقاشية الى أن تداول الأمور الخاصة بالسياسة النقدية سياسيا يعتبر ذنبا عظيما في اقتصادات الدول المتقدمة، فهذا ليس من عمل الحكومة، بل يجب أن تكون هناك استقلالية كاملة للبنك المركزي في ادارة السياسة النقدية، بما يتوافق مع متطلبات الظروف الاقتصادية، وبالتالي لا يتعين أن يكون هناك تدخل سياسي في جانب السياسة النقدية، مشيرا الى أن الجرعات السياسية ستؤدي الى تناقض اسلوب التطبيق لتتناقض مع أهداف الخطة، وهذا واضح من خلال ما تم طرحه حتى الآن.

قلق مصرفي

وأوضح أن البنوك كانت قلقة بشأن وجود محاور كثيرة في خطة التنمية لم تتم مراعاة الجانب المهني فيها، مستطردا ان ما يدل على عدم مراعاة الجانب المهني في اعداد الخطة هو الحديث عن مضاعفة عدد المصارف وعدد شركات الاستثمار، فهل من المعقول أن يتحول 22 بنكا الى 44، ويزيد عدد الشركات الاستثمارية الموجودة تحت رقابة البنك المركزي الى 200 شركة استثمارية حسب ما جاء في الخطة، مشيرا الى أن الأمر غير مقبول في ظل تجربة مماثلة، وهي بنك وربة الذي تأسس مؤخرا والذي سيواجه منافسة صعبة، فكيف يمكن مضاعفة عدد البنوك في ظل فشل بنك حديث الولادة.

ولفت المرزوق إلى أن ما يؤكد عدم وجود مهنية حقيقية ما يتردد عن تأسيس بنك آخر جديد عقب بنك وربة، وهو ما يعتبر أمرا محيرا، فعلى الحكومة أن تأخذ موقفا قويا حيال هذا الأمر، فلا يعقل أن تأسيس بنك يعتمد على توزيع أسهم مجانية على المساهمين، أما في ما يتعلق بمضاعفة عدد شركات الاستثمار فهذا يعكس تماما أن من أعد هذه الخطة كان مغيبا تماما عن الوضع الاقتصادي المحلي.

وقال إن الخطة تحدثت أيضا عن مبادئ الادارة السليمة والحوكمة، وفي هذا الأمر تحديدا أقول إن بنك الكويت المركزي أصدر بهذا الخصوص قواعد واسسا تطالب بالادارة السليمة والحوكمة من عام 2004، كما تبنى "المركزي"  معايير المحاسبة الدولية ومعايير لجنة بازل 2 وبازل 3، وربما كان أول البنوك المركزية في العالم تطبيقا لها، وهذا ما يؤكد أن الخطة لم تأت بجديد.

وافاد بأنه على الرغم من ضخامة مبلغ التمويل فإننا نعتقد أنه لم يكن هناك أي شكل من اشكال التنسيق مع القطاع المصرفي لأخذ وجهة نظره المهنية والفنية على موضوع تمويل الخطة التنموية، مشيرا الى أنه لو كانت هناك حاليا محاولات من قبل رئيس اللجنة الاقتصادية الدكتور عدنان السلطان مع القطاع المصرفي، الا أنه لم يتم أخذ رأي البنوك المحلية منذ البداية، مستطردا انه لم يتم أخذ رأي المركزي وليس فقط رأي البنوك.

«المركزي» مستشار الحكومة

وذكر أن الغريب في هذا الأمر أن قانون تأسيس البنك المركزي ينص على  أنه المستشار المالي للحكومة، وفقا لما جاءت به المادة 15 من قانون تأسيسه، ومن خلال عملي في المركزي لفترة تمتد الى 15 عاما كان عند اعداد اي قرار اقتصادي يعتد برأيه، أما في وقتنا الحالي فإننا نلاحظ وجود توجهين للحكومة أحدهما يقول إن القطاع المصرفي المحلي يتمتع بخبرات ومتانة وملاءة مالية، والآخر يطالب بترتيبات ائتمانية وتأسيس آلية جديدة للتمويل، وكأننا نريد اختراع عجلة التمويل من جديد، متسائلا: كيف تم التوصل من قبل القائمين على الخطة إلى تلك المقترحات.

وقال إنه من خلال العرض الذي تقدم به السلطان اتضح أنه يتطابق تماما مع مقترح الدكتور يوسف الزلزلة بإنشاء صندوق وطني لتمويل مشاريع التنمية، وكون هذا المقترح يردده رئيس اللجنة الاقتصادية المنبثقة من اللجنة الاستشارية للتنمية، فهذا يؤكد أن مقترح الزلزلة مقترح حكومي، وهذا ما يؤكد التناقض الذي تطرقنا اليه.

واكد أن البنك المركزي يتعامل بمهنية تامة عند طرح مثل هذه الخطط، وهذا  ما أكده محافظ المركزي في تصريحاته مؤخرا، حيث اعترض تماما على وجود أي ترتيبات تمويلية خارح القطاع المصرفي، رغم ما يسببه هذا الاعتراض من حرج سياسي له، مستشهدا بما أكده المحافظ بأن اي ترتيبات  تمويلية خارج القطاع ستكون مدعاة لهدر المال العام، ولن تقتصر الآثار المدمرة على الصندوق فقط، بل ستمتد الى وحدات القطاع المصرفي وربما المالي، لانه ستكون هناك منافسة غير متكافئة بين هذا الصندوق بهذه المليارات والمعايير الائتمانية المخفضة، حيث ستضطر البنوك على المدى المتوسط والبعيد إلى أن تجاري هذه المعايير المخفضة، ما يعني أنه ستكون هناك مخاطر كبيرة على القطاع المصرفي.

وتساءل: هل هذا الأمر يمكن قبوله خاصة أن هناك اتهامات للبنوك بأنها متشددة في عملية التمويل ومنح الائتمان، متحديا ان يكون هناك دليل واحد على منح أي تمويل، أو أنها ليست لديها القدرة على تمويل متطلبات خطة التنمية، وهذا الحديث مردود عليه إذ إنه منذ بداية الأزمة في ديسمبر 2008 زادت المحفظة الائتمانية لدى البنوك بمعدل 3 مليارات دينار، حيث ارتفعت من 22 مليار دينار الى 25 مليارا حتى الآن، وهذا ما يثبت عدم وجود تشدد من قبل البنوك تجاه عمليات التمويل، اضافة الى أن عمليات التمويل من قبل البنوك توجه الى من يستحق فقط، ومن لا يستحق ولا يملك الجدارة الائتمانية من الطبيعي أن تتشدد معه البنوك نتيجة الأزمة الائتمانية الطاحنة التي مرت بها الكويت والعالم، حيث تدهورت الأوضاع الائتمانية للعديد من الشركات، وبالتالي باتت لا تستحق، فالبنوك ليست مؤتمنة فقط على أموال مساهميها، بل أيضا مؤتمنة على أموال المودعين، كما أنها تخضع لرقابة مهنية صارمة من قبل بنك الكويت المركزي، وهي التي مكنت القطاع المصرفي من تجاوز الأزمة وتداعياتها، حيث إن القطاع المصرفي لم يتطلب حلولا أو تدخلا لإنقاذه، وما تردد عن دعم الحكومة للبنوك عبر ايداع ودائع أؤكد أن هذه الأموال سلكت الطريق الأفضل لها لتحقيق أفضل العوائد مقارنة بعوائد البنوك الأجنبية.

البنوك لم تطلب دعماً

وأعرب عن فخره بأن البنوك الكويتية لم تطلب دعما، بينما توجهت دول العالم إلى دعم بنوكها في الاقتصادات العظمى أو حتى في الدول الخليجية المجاورة، حيث اشترت الدولة الأصول المسمومة لديها، وفي المقابل لم تطلب البنوك الكويتية تدخلا، ولم تكن هناك حاجة الى ذلك رغم تأثر ربحية بعض البنوك وانخفاضها لما يعادل الفترات السابقة، وهذا يعكس تماما ما تردد بأن البنوك تربحت من الأوضاع الحالية في البلاد.

وتعجب المرزوق من القول بأن البنوك ليس لديها القدرة على تمويل متطلبات الخطة، مستندا إلى ما لديه من ارقام، كاشفا أن لديها الآن قاعدة رأسمالية تؤهلها لمنح ائتمان جديد يعادل 11 مليار دينار، مع افتراض عدم وجود ضمانات من قبل الحكومة، مشيرا الى أنه لو قررت الحكومة ضمان 50 في المئة من المخاطر فسيتضاعف الرقم الى 22 مليار دينار، فالبنوك لديها مستويات سيولة عالية تاريخية ربما يعود بعضها الى الودائع الحكومية، حيث إن حجم استثماراتها في الأدوات الحكومية 5 مليارات دينار.

واضاف أن ما يثير الاستغراب أن البنوك وسط هذه القدرات يأتي مقترح بأن تتولى هي ادارة منح قروض تنفيذ مشاريع خطة التنمية، معتبرا أن هذ الكلام غير صحيح لأن المادة الرابعة من صندوق تمويل مشاريع التنمية تفيد بتولي مجلس ادارة متخصص للصندوق، وهذا يتناقض مع ما يثار بأن صندوق التمويل ستديره البنوك، حيث إن دور البنوك في هذه الحالة سينحصر في كونها حسابات أمانة فقط، حيث إن المجلس المعين سيقوم برسم السياسات وتنفيذها ويضع النظم المهنية والفنية والتقنية ولائحة داخلية للصندوق وميزانية ثانوية، وفي المقابل ينحصر دور البنوك في كونها خزينة لحسابات الأمانة.

 

انتقادات الصندوق

من جانب آخر، انتقد المرزوق تولي مجلس ادارة الصندوق 5 أعضاء معينين، متسائلا: هل يعقل أن تمنحهم الدولة 10 مليارات دينار وتطالبهم بمنح الائتمان؟ وهل هناك ضمانات لهؤلاء الأعضاء الذين سيتم تعيينهم سياسيا بأن يكونوا في منأى عن الضغوط السياسية عند اتخاذ القرارات؟ ربما يقول البعض نعم سيكونون في منأى، إلا أن تجاربنا السابقة وواقع الحال يخالف ذلك.

وخلص المرزوق الى أن التمويل من القطاع المصرفي هو الاسلوب الأمثل والصحيح لتفادي كل المشاكل التي ستترتب على ايجاد آليات جديدة في محاولة لاصطناع جدوى اقتصادية، وإن كنتم ترغبون في تحسين العائد على بعض الشركات فيجب النظر الى عوامل الخلل في الشركات بدلا من الاتجاه الى صناعة جديدة بدون عمل دراسة جدوى لهذه الشركات، والتي لا نعرف من قام بإعدادها.

واشار الى أنه إذا اراد المشرع أن يحصل على فائدة مقابل منحه 8 مليارات دينار، فيمكن له أن يضخ 200 مليون دينار اذا اعتمد على البنوك كجهة التمويل، وهذا افضل من وجهة نظري الشخصية.

واستطرد قائلا إنه من غير المعقول أنه على مدى الـ30 عاما الماضية لم تكن هناك مشاريع للتنمية، وفجأة بات لدينا جملة من المشاريع العملاقة التي، حسب ما هو موضوع، يجب أن تنفذ خلال 5 سنوات، فلماذا العجلة؟

ولفت الى أن الحجة بعامل الوقت ليست مقبولة، فالخطة التنموية بحجمها الحالي من المحتمل أن تنجز على مدى 10 أو 15 عاماً، لا 3 سنوات فقط.

الهاجري: الحكومة تفتقر إلى خطاب إعلامي يدافع عن مشاريعها

قام رئيس جمعية المحاسبين محمد الهاجري بعرض ثلاث رسائل رئيسية تتعلق بموضوع التمويل أولها: الجناح الاعلامي الحكومي، إذ إن الحكومة لن ترتفع عن الأرض إذا استمرت بمحاولة الطيران بجناح واحد. لكون جناح الإعلام معطلاً وهو يعادل في القوة كل الجهود الأخرى.

وأضاف "انه لا يوجد للحكومة خطاب إعلامي بوعي مخططها ويدافع عن مشاريعها. وليس في ذلك تجنٍ، فخسارة الحكومة مازالت محتملة بقضية اسقاط الفوائد او القروض وسقطت من قبل بالضربة القاضية بتسويق المشاريع الحيوية الكبرى كنفط الشمال "مشروع الكويت" والمشاركة مع "الداو كيميكال" بإنشاء شركة "الكي داو" والجولات مقبلة بالمصفاة الرابعة، وستكون الغلبة للصوت العالي غير المتخصص".

أما الرسالة الثانية فهي الديمقراطية وسماع الرأي الآخر، إذ إن على الجميع ألا يضيق بسماع الرأي الآخر سواء الحكومة أو المجلس. بل على العكس لا بد من الإنصات جيدا لكل ما يقال حتى وإن كان همسا، بينما كان فحوى الرسالة الرابعة المثل القائل "أعط الخباز خبزك لو أكل نصفه"، مبينا بالقول:

نتشدق بالمختصين والمهنيين لكن لا نستمع لهم وفي كل القوانين أصبحنا نجد هاتين الكلمتين دون أن يتم تعريفهما، وننتهي بالاختيار وفق المحاصصة السياسية او إقرار قوانين مشوهة غير قابلة للتطبيق.

وقال الهاجري في الرسالة الرابعة إنه يجب منح ودعم الجمعيات المهنية للقيام بالدور المطلوب منها ضمن جسم المجتمع المدني. فبالإضافة إلى المهنية والفنية هناك الحيادية والاستقلالية بالرأي لن نجدها باللجان والفرق التي يتم انتقاء أعضائها واختيارهم.

وتعقيباً على كلمة السلطان قال الهاجري: "تأكد لنا وبعد سماع تفاصيل الأسس العامة لمقترح الحكومة، أنها استعانت بصديق من داخل صندوق التنمية الوطني الذي توصلت إليه اللجنة لتقديم قانونها ليصبح لدينا قانون حكومي بغلاف نيابي".

تساؤلات

 

وقد كان المحور الثاني لكلمة الهاجري تحت عنوان تساؤلات، إذ ساق فيه مقتطفات من قانون رقم 9 لسنة 2010 بإصدار الخطة الإنمائية ومقترح الإطار العام لها. يعمل بها من 1 فبراير 2010 وصدر في تاريخ 21 فبراير.

متسائلا بالقول: "لماذا غاب عن واضعي الخطة ومن أقرها سياسات وآليات التمويل اللازمة؟ وهل هناك أمور أخرى غائبة؟ وهل يعقل أن أخطط لسفر بالسيارة دون تعبئة الخزان بالوقود؟ فالتمويل وقود الخطة الإنمائية".

كما تساءل عن المقصود على وجه التحديد بتمويل مشروعات

 الخطة. وهل هو محدد لمشاريع معينة؟ وهل تمويل أم انفاق؟

وأردف بالقول: كم المبالغ المخططة أساساً بالخطة للإنفاق الحكومي ولمساهمة القطاع الخاص من الـ37 ملياراً.

الهاشم: لم يتم حتى الآن توفير أبجديات متطلبات خطة التنمية

قالت رئيسة مجلس إدارة شركة ادفانتج للاستشارات صفاء الهاشم، إن وجود أي خطة يتطلب توفير أبجديات متطلباتها، وهو ما لم نره حتى الآن، فخطة التنمية طالبنا بها وتحدثنا عنها كثيرا، مشيرة إلى أنه عندما تم البدء في تنفيذها بدأنا الدخول في متاهات باختيار آلية التنفيذ وطريقة العمل بها ومن ثم بدأ الحديث الآن عن التمويل، الذي كان يفترض أن يكون أول ما يتم مناقشته.

وأوضحت أنه قبل الخوض في التفاصيل علينا أن ندرك أن البنوك المحلية تتمتع بالخبرة والكفاءات والقدرة الرقابية والسيولة، التي تمكنها من تنفيذ متطلبات خطة التنمية، وكذلك البنك المركزي لديه الأدوات والرقابة التي تمكنه من الرقابة، الذي لم يقصر منذ بداية الأمر، لأنه وضع خطة للإنقاذ ابان الأزمة.

وأفاد بأن القول إن تنفيذ الخطة قد بدأ مردود عليه، والقول إنه تم تنفيذ جزء من هذه الخطة ليس حقيقياً، فنحن مازلنا نناقش أبجديات التنفيذ ألا وهي عملية التمويل، وهو ما يعني وجود خلل ما، إذ إنه من المفترض تمويل السيارة بالوقود قبل أن تقطع طريقا طويلا، ولا يُعقل أن نلغي دور البنوك عبر اقصاء دورها والاكتفاء فقط بأن تقوم بتنفيذ أمر تمويل اتخذته جهة غيرها.

وأشارت إلى أننا لا نريد أن نكرر منح تمويل طويل الأجل إلى مشاريع قصيرة الأجل، وهو الأمر الذي تسبب في الأزمة الحالية التي عايشناها جميعا، وهو الأمر الذي سيؤثر على مركز الكويت وصورتها الائتمانية أمام دول العالم.

توصيات الحلقة النقاشية

في ختام الحلقة النقاشية التي أدارها وأعد لها رئيس مجلس إدارة جمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية محمد حمود الهاجري، خرج الحضور بعدد من التوصيات تمخضت عنها الحلقة، والتي كان أبرزها:

• الالتزام بالقطاع المصرفي كجهة وحيدة للتمويل بما فيها تمويل مشاريع خطة التنمية، ما لم يكن هناك مبرر يعيق ذلك بشرط وجود دليل دامغ على عدم القدرة.

• ضرورة الاستئناس برأي المتخصصين والمهنيين، الذي يتسم بالاستقلالية والحيادية بعيداً عن الضغوط السياسية.

• تفعيل الدور الإعلامي للحكومة للتسويق والتوضيح والتوعية بمشاريعها وخططها بشفافية وعلنية.

• عدم منطقية الإعلان المسبق عن حجم ومبالغ التمويل الخارجي المتاح لكل مشروع أمام الشركات المنفذة لمشاريع الخطة، والخشية أن يكون ذلك مدعاة للتسابق على التمويل ذاته لا التنفيذ ما يقلل فرص التنافس العادلة.

أبرز المشاركين

كان من أبرز المشاركين في الحلقة النقاشية كل من: الدكتور عدنان السلطان رئيس اللجنة الاقتصادية المنبثقة عن لجنة التنمية التي تم تشكيلها بقرار من نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية الشيخ أحمد الفهد الصباح، ورئيس اتحاد المصارف حمد المرزوق، ورئيس جمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية محمد حمود الهاجري، والنائبة الدكتورة رولا دشتي، ورئيس مجموعة الأوراق المالية علي الموسى، ورئيسة مجلس إدارة شركة ادفانتج للاستشارات الاقتصادية صفاء الهاشم، والدكتورة أماني بروسلي من جامعة الكويت، ورئيس مركز الجمان للاستشارات الاقتصادية ناصر النفيسي، والدكتور رمضان الشراح أمين عام اتحاد الشركات الاستثمارية، ويوسف عثمان المجلهم المستشار في مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، ووزير التجارة السابق رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة النائب أحمد باقر، والسفيرة الأميركية في الكويت.

الشراح: يجب التعاون بين كل الأجهزة المعنية قبل تعقيد الأمور

طالب أمين عام اتحاد الشركات الاستثمارية د. رمضان الشراح بضرورة التعاون بين كل الأجهزة المعنية، والتواصل المستمر بين المسؤولين عن الخطة التننموية واتحاد مصارف الكويت والشركات قبل أن تزداد الأمور تعقيداً لإيجاد دور فاعل لهم، مشيداً بموقف اتحاد المصارف الذي يدعو إلى ضرورة تمويل الخطة من خلال القطاع المصرفي.

الجودر: «الأوفست» قد يكون الحل في تحقيق التنمية بالكويت

قال رئيس شركة الأوفست أنور الجودر إن برنامج الأوفست يفرض على المستثمر الأجنبي استثمار ما بين 30 و35 في المئة من قيمة المشروع داخل البلاد، فجهود الكويت في "الأوفست" مازالت محدودة حتى الآن، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي من "الأوفست" وجود فرص حقيقية للشركات الأجنبية داخل الكويت، مطالباً بضرورة الاتفاق حول تحديد ما ينقص الكويت من تنمية، وتنفيذه عبر برنامج الأوفست، مستشهداً ببعض التطبيقات التي جرت في دول مجاورة مثل مصر.

الموسى: القائمون على الخطة أقصوا المصارف

ثم يبحثون لها عن دور

ومن جانبه، قال رئيس مجلس إدارة مجموعة الأوراق المالية علي الموسى، إن القائمين على الندوة أحسنوا في اختيار عنوانها، إذ إنه تطابق مع طبيعة ما يتم طرحه الآن، مشيراً إلى أن القائمين على خطة تنمية قاموا بإقصاء المصارف ثم يبحثون حاليا عن دور لها، فكل ما تم تخصيصه للمصارف ضمن الخطة هو إدارة التمويل، فعمل المصارف لا يتعلق بالإدارة فقط بل يتمثل في قرار ائتماني، ودراسة المخاطر، وهذه الأدوار ستسند إلى مجلس ادارة الصندق ما يعني فعلياً إقصاء دور المصارف، وتحولها إلى "كويتب" (تعني تصغير كلمة كاتب).

وأفاد بأنه على ما يبدو أن مجلس الأمة لن تعجبه سياسة البنك المركزي، فقرر إقصاءه بعيداً عن خطة التنمية، وبالتالي لا يمكن له أن يمارس أي دور مما سيتم طرحه، مشيرا الى أن الودائع الحكومية ليست تدليلا للبنوك فهناك 4.5 مليارات دينار حكومية موجودة لدى البنك المركزي لعدم وجود فرص استثمارية لاستغلالها.

وأشار الى أن دور البنوك في هذه الحالة أنها تسلمت الأموال من قبل الدولة ثم وضعتها لدى البنك المركزي، ولو كانت هناك فرص استثمارية لما اضطرت البنوك الى ذلك، ولو كان ايضا هناك عملاء أكفاء لما ترددت البنوك في تمويلها، مشيرا إلى أنه اذا لم تكن الدولة قد أودعت هذه الأموال في البنوك "فقل على الاقتصاد الكويتي السلام"، فهذه الودائع ليست خدمة للبنوك فقط بقدر ما هي إفادة للاقتصاد الكلي، إذ أدى إلى الاستقرار المالي للدولة وتوطين العملة المحلية، إضافة الى أن الأمر يتعلق بوجود استقرار مصرفي يستفيد منه الجميع.

نظام مصرفي مستقر

وأكد أن العبرة ليست بالانفاق، بل العبرة بنظام مصرفي مستقر ينعكس إيجابا على الاقتصاد الكلي، فالمرة الوحيدة التي تم إنفاق 6 مليارات دينار في عام واحد في الكويت بلغت نسبة التضخم 11 في المئة، وإذا سمح "المركزي" بتكرار مثل هذه الأمور فهذا دمار للبلاد، ولكن سياسة "المركزي" تحول دون وقوع ذلك، بينما لا يفرق البعض بين سياسة التمويل والتموين. وأشار إلى فكرة إيجاد الصندوق تحت رقابة بنك الكويت المركزي، متسائلاً كيف سيتم مراقبته دون وجود أسس عمل لهذا الصندوق، فهل سيراعي الصندوق التركز الائتماني حتى لا تتعرض أمواله للخطر؟ مؤكدا أن التركز الائتماني لا يمنح من قبل "المركزي" إلا في المشاريع الحكومية، وهذا ما يعني أن النظام المصرفي الكويتي مهيأ لتمويل الخطة التنموية وفق الشروط الفنية الصحيحة.

وتعجب الموسى من القيام بتمويل شركة مدة 15 عاما مع العلم أنها ستنفذ المشروع في 3 سنوات فقط، مشيرا الى أن الحديث عن عدم وجود ضغوط سياسية غير صحيح، فأي جهة ستعين بقرار سياسي ستُمارس عليها ضغوط سياسية حتى ولو كانوا ملائكة.

مخاطر القرار الائتماني

وأوضح أن الأصل في القرار الائتماني هو المخاطر، فإذا قررت الحكومة تحمل المخاطر فإن البنوك وقتها ستقوم بعملية التمويل دون أن تطالب بأية أموال حتى من الدولة، ولكن هل من المنطق أن نطالب البنوك المخاطرة بأموال المودعين، فهذا التوجه يعني أن تدفع المصارف ثمن الأخطاء الادارية الحكومية.

وطالب بضرورة السؤال والتأكد من سلامة المركز المالي للمنافس على تنفيذ المشروع وقدرته وتاريخه الائتماني قبل الطرح، مستشهدا بما قامت به الدولة في فترة ما حينما سيلت  كفالات بالملايين لاختلافها مع مقاول كان منفذا لأحد مشاريعها، إذ ألغت مجموعة من العقود دون أن تأخذ بعين الاعتبار نتائج ذلك على المصارف.

وضرب الموسى مثالا بمشروع السكن منخفض التكاليف فقال في البند رقم 17 من عقد إسناد هذه المشاريع إلى الشركات يعطي الدولة الحق بسحب المشروع من الشركة دون إبداء الأسباب، معتبراً ذلك من ضمن العراقيل اتجاه تمويل مشاريع توجد فيها شروط حكومية بهذا الشكل.

السلطان: تمويل مشاريع الخطة من أبرز ما تركِّز عليه اللجنة الاقتصادية

من جهته ساق رئيس اللجنة الاقتصادية الدكتور عدنان السلطان مقتطفات من الخطة الإنمائية، مبينا أنه تم تشكيل اللجنة الاستشارية في الشؤون التنموية بقرار من الشيخ أحمد فهد الأحمد الصباح نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير الدولة لشؤون التنمية وزير الدولة لشؤون الإسكان بتاريخ 9/5/2010، إذ حدد القرار مهام اللجنة في تقديم المشورة وإبداء الرأي وتقديم التوصيات للمواضيع ذات العلاقة بالخطة الإنمائية والخطة السنوية وأي تقارير اقتصادية ترفع من الجهات المختلفة.

وأضاف: "بناءً عليه فقد تم تشكيل عدة لجان فرعية، منها اللجنة الاقتصادية، التي قامت ببحث وتداول العديد من المواضيع، ومن أهمها موضوع تمويل مشاريع الخطة التنموية، آخذة في الاعتبار أن الخطة تغطي أربع سنوات مالية 2011/2010 - 2014/2013) وبتكلفة تقدر بمبلغ 37 مليار دينار كويتي وتتضمن أهدافا وسياسات وبرامج محددة ومن أهم الأهداف ذات العلاقة في موضوع الحلقة النقاشية هو دعم وتوسيع دور القطاع الخاص، وكذلك التحول إلى مركز مالي وتجاري".

وبيَّن أن اللجنة الاقتصادية قد قامت، منذ اجتماعها الأول، بتناول موضوع تمويل المشاريع التنموية، آخذة في الاعتبار أسساً واعتبارات عدة منها أن أي تصور أو اقتراح يجب أن يكون ضمن مظلة بنك الكويت المركزي، وخاضعا لرقابته، مؤكدا أن تقديم تسهيلات ائتمانية خارج الإطار المصرفي يعيق تنفيذ السياسة النقدية وينعكس سلباً على الوضع الاقتصادي، فضلاً عن أن آلية تقديم التمويل يجب أن تكون بالتعاون مع البنوك التجارية الكويتية، إلى جانب أن دعم الجهاز المصرفي على تقديم التمويل المطلوب ضمن الإمكانات المتاحة. وفقاً للمعايير والضوابط الائتمانية السليمة.

وقال إن البنوك الكويتية أقدر فنياً على إدارة التمويل من أي جهة أخرى، بناءً على معايير وأسس محددة مسبقاً، وتخفيض مخاطر التمويل على البنوك الكويتية.

ولفت إلى أن ضرورة معرفة طبيعة الحجم الكبير للتمويل المطلوب لمشاريع الخطة، مؤكداً في الوقت ذاته أن المدى الزمني لهذه المشروعات الكبيرة بشكل عام أطول من المدى الزمني الذي تتعامل ضمن حدوده البنوك الكويتية.

وأكد أن الحاجة ملحة لإسراع تنفيذ هذه المشاريع ضمن الخطة الزمنية المعتمدة، مع الإشارة إلى توفير التمويل المطلوب بتكلفة مخفضة نسبياً، وإلى ارتفاع مستوى المخاطر نسبياً، وأن يتم وضع لائحة تنفيذية مفصلة للمقترح المقدم.

وقال السلطان: "ضمن هذه الاعتبارات والأسس فقد ارتأت اللجنة أن توكل مهمة إدارة توفير التمويل الى جهة مستقلة ومختصة يتمثل دورها في تقديم التمويل والرقابة ومتابعة التنفيذ تسمى "صندوق التنمية الوطني" وتتمثل الأسس العامة للمقترح في ما يلي: أولاً أن تكون الجهة الممولة هي الدولة، ويكون وعاء التمويل صندوق التنمية الوطني، أما حجم وعاء التمويل فيكون 10 مليارات دينار تُدفع على مراحل، بينما حددت نسبة التمويل بـ1.1 في المئة، وحُدد سعر الفائدة أو المرابحة بسعر الخصم مخصوماً منه نسبة معينة. وهو التمويل التفضيلي طويل الأجل لمشاريع التنمية ضمن الخطة المعتمدة، وتكون مدة التمويل بحد أقصى 15 سنة، متضمنة فترة سماح، والتي يجب ألا تتجاوز 3 سنوات، ويكون مدير التمويل هي البنوك الكويتية، بينما أتعاب إدارة التمويل فتحدد نسبة "أتعاب" تدفع لمدير التمويل، وأما الجهة المشرفة على تنفيذ المشاريع التنموية فهي المكاتب الهندسية الكويتية المعتمدة والمؤهلة.

وقال السلطان: "يتضح من المقترح المقدم أن البنوك الكويتية شريك أساسي في تنفيذ آلية التمويل، إذ إن من إيجابيات المقترح توفير أداة تمويل للمشاريع التنموية طويلة الاجل، وتحقيق عائد مقبول للفوائض المالية للدولة، ودعم المستثمرين لتنفيذ المشاريع التنموية، وحيادة الحكومة في إدارة التمويل، وتحقيق استفادة تجارية للبنوك الكويتية، والإسراع في تنفيذ المشاريع التنموية".

وأضاف: "يتضح مما تقدم أن المقترح لا يهدف الى إيجاد كيانات منافسة للبنوك التجارية لأسباب عدة، منها أن الجهات الحكومية المعنية والبنوك الكويتية شركاء في تنفيذ الخطة التنموية، وأن هدف الخطة الرئيسي يتمثل في خفض مساهمة الحكومة في النشاط الاقتصادي من خلال دعم وتوسيع دور القطاع الخاص، ولكون هدف الخطة توفير الدعم المالي والقانوني للمشاريع التنموي، فضلاً عن أن الهدف الاستراتيجي للخطة هو التحول إلى مركز مالي وتجاري.

دشتي: نحن لا نقصي البنوك ولكن نريد معالجة

ندرة التمويل

من جهة أخرى، قالت النائبة الدكتورة رولا دشتي: بداية اختلف مع عنوان الندوة، خصوصا بموضوع اقصاء للبنوك، لأن هناك تحديات كبيرة تتمثل في ندرة التمويل، مطالبة بضرورة الاعتراف بوجود مشكلة في التمويل، لأنه عصب الاقتصاد الكويتي، واليوم نرى بالفعل انكماشا في التمويل في قطاعات عدة، فمنذ بداية العام حتى الآن هناك انكماش في التمويل، حيث تراجع من 25.1 مليار دينار الى 24.9 مليار دينار منذ بداية عام 2010 حتى الآن.

وقالت دشتي إنه بالنظر من بداية السنة إلى الآن هناك انخفاض في التمويل، فمنذ بداية السنة إلى الآن من 25.1 مليار دينار إلى 24.9 مليار حتى اليوم، وعند الاطلاع على القطاعات الاقتصادية عدا قطاع القروض الاستهلاكية نجد أن التمويل ضئيل، فالقطاع التجاري لم ينم اكثر من 3 في المئة منذ بداية العام حتى الآن، وقطاع التشييد والبناء كان 1.675 مليار دينار في الستة أشهر الأولى من العام الماضي وأصبح 1.772 مليار دينار، أي بما بعادل 100 مليون دينار خلال سنة واحدة، أما قطاع الصناعة فانخفضت تمويلاته من 1.580 مليار الى 1.570 مليار دينار، وبالتالي هناك مشكلة.

دعم القطاع المصرفي

وأشارت دشتي إلى أن الحكومة دعمت القطاع المصرفي من خلال تعزيز الثقة بإخراج قانون الودائع دون أخذ أي فلس كرسوم على هذا التأمين، إضافة إلى وضع إيداعات حكومة تفوق الـ4.5 مليارات دينار، بالرغم من أنها كان يمكن لها أن تستثمر بالخارج بعائد أكثر من 0.5 في المئة عن طريق وضعها كودائع في بنوك خارجية، وبالتالي فإنه من المفترض أن ينعكس ذلك على عملية التمويل.

وأكدت دشتي أنه إذا تم سحب الودائع الحكومية من قبل البنوك الكويتية فإنها معرضة لأزمات، وبالتالي لا توجد مشكلة تعزيز القطاع المصرفي، معتبرة أن إقصاء البنوك عن خطة التنمية غير صحيح، مشيرة إلى حدوث بعض الأخطاء في قطاع المصارف خلال السنوات الماضية ولم تتم معاقبته عليها، خاصة في ما يخص مخاطر المحفظة الائتمانية له اتت الحكومة لتعزيز وضعه لكي ينعكس على العملية التمويلية، وبالفعل بات القطاع اقل تشدد تجاه عمليات التمويل، أخيرا خاصة بعد أخذ هذه الخطوات.

وأوضحت أن الحكومة قامت بوضع مشاريع بالمليارات لإنقاذ الاقتصاد خلال السنوات المقبلة، وإذا تشددت البنوك فكيف نقدر كمشرعين الجزم بأن التمويل موجود بالرغم من السيولة موجودة، كونها لا تفوت الى الاقتصاد، فالبنوك تقوم بشراء السندات التي تصدرها البنوك، فالبنوك حقها أن تتشدد تجاه التمويلات التي تعطيها، ولكن حقي أنا كمشرع إنعاش الاقتصاد، حيث لا يوجد ما يضمن أن الاكتتابات العامة للمشاريع، التي سيتم طرحها، ستحصل على التمويل نظرا إلى التشدد القائم والموجود من قبل البنوك.

دراسة لكل مشروع

وأوضحت دشتي أن لكل مشروع دراسة يتم إعدادها من قبل الجهة التي ستطرح المشاريع أو ستكون هناك جهات متخصصة في الدولة سيسند إليها هذا الأمر، مشيرة إلى أن هذه الجهات ستحدد رأسمال المشروع، طارحة مثالا بأنه اذا تم طرح مشروع بقيمة مليار دينار فسيتم تأسيس شركة له برأسمال 300 مليون دينار، والباقي سيحتاج الى تمويل من خطة التنمية، والباقي سيوجه الى البنوك، علما أنه عند طرح المناقصة سيتم تحديد وجود تمويل حكومي من عدمه.

ولفتت إلى أنه لن تكون هناك سيطرة على الجهة المعنية، مشيرة الى أنه عند طرح المشروع عن طريق المناقصة ستحدد امكانية وجود تمويل حكومي أم لا، وفي حال وجود تمويل حكومي فسيتم تحديد القيمة ومدة العقد ونسبة الفائدة، مؤكدة أنه لن تكون هناك جهة لتحديد قيمة تنفيذ المشروع، حيث سينسد ذلك مسبقا إلى القانون المطروح لتحديد قيمة المشروع.

وبينت دشتي أن المشاريع المطروحة سيختلف معدل المخاطر فيها حسب نوعية المشتري للخدمة، وسيختلف بالطبع التمويل الحكومي لها من صفر الى 50 في المئة، حيث سيتم تحديد ذلك على ضوء دراسات الجدوى الموضوعة لها.

من سينفذ التمويل؟

وأشارت دشتي إلى أن الفكرة التي تطرح نفسها الآن على الساحة هي من سينفذ عملية التمويل، فالقول إن الحكومة ستقوم هي بالتمويل يتطلب وجود قانون يسمح بإقراض الحكومة، لافتة الى أن ما ستتم مناقشته في مجلس الأمة الفترة المقبلة هو من سيسند اليه عملية التنفيذ وتحديد الآلية لذلك، علما أن هناك افكارا عدة، منها مقترح بزيادة رأسمال الصندوق الكويتي للتنمية، ولكن اغراضه التأسيسية نصت على العمل الخارجي وليس بإمكاننا زيادة رأسماله، اضافة الى وجود مقترح آخر بتأسيس محفظة تابعة لصندوق التنمية، لكن بنك الكويت المركزي طالب بأن يكون للبنك دور في المحفظة ويراقبها، فهل يمكن ألا تتم عملية أي تمويل من المحفظة الا تحت اشراف بنك الكويت المركزي، ويبت فيها، هذا الأمر ربما يكون محل نقاش في المجلس.

وكشفت أن هناك أمرا آخر وهو ان تسير عملية التمويل عبر البنك الصناعي، وأن يتم اسناد هذه المحفظة اليه، لأن لديه الخبرة الكافية في ادارة تمويل المشاريع الكبرى الصناعية طويلة المدى، بما يمكنه من ادارة مثل هذه المحفظة.

واشارت الى أن هناك رأيا آخر يسند ادارة هذه المحفظة الى البنوك المحلية، مقابل أن تديرها بمقابل رسوم معينة، بينما يوجد مقترح آخر بتأسيس بنك للتنمية حاله كحال باقي الدول، إذ يسند اليه ادارة وتمويل مشاريع التنمية الكبرى، علما أن هناك افكارا متعددة تتعلق بآلية التطبيق، ونحن نتحدث عن المشاريع التي توجد فيها اكتتابات عامة فقط.

توافر السيولة

وأشارت الى أن الهدف ليس ايجاد سيولة فهي متوافرة بالفعل، لافتة الى أن الحديث ليس عن 10 مليارات دفعة واحدة كإنفاق حكومي، فربما تكون بداية الخطة مشاريع بقيمة مليار دينار أو اكثر، على أن يتم استخدام العائد منها مرة أخرى لتمويل المشاريع الأخرى، فالخلاف لا يزال ينحصر في من تسند اليه عملية التمويل.

وقالت ليست هناك مشكلة اذا قدم اتحاد المصارف ضمانا بتمويل المشاريع التي ستطرح للاكتتابات العامة، ولكننا واثقون من أن الاتحاد لن يقبل هذا الأمر، ومن المؤكد أنه سيطالب بدراسة المشاريع نظرا إلى ما يتوافق مع الاجراءات الائتمانية، لافتة الى أن ذلك لن يذهب بنا الى طرح مشاريع دون أن نجد من يمولها مسبقا.

واشارت الى أن هذا الأمر يحتاج الى تعاون بين كل الأطراف، في ظل ندرة التمويل التي لا تعطي حافزا بأن المشاريع التي سيتم طرحها ستنفذ بسرعة، حيث إن قلة التمويل ستكون هي العائق الأول، مؤكدة أن الهدف الأول أن تقوم الحكومة بسرعة تنفيذ المشاريع، واذا كانت البنوك تطالب اليوم بإسناد تمويل الخطة اليها نتيجة لظروف اقتصادية صعبة، فعند تحسن الظروف غدا ربما يكون لدى البنوك ما تموله غير مشاريع التنمية.

وقالت دشتي إن هناك نموا في العرض النقدي بلغ 18 في المئة في عام 2007، أما في عامي 2008 و2009 فزاد العرض النقدي الى 22 في المئة، والسبب في ذلك وجود دعم حكومي متمثل في ودائع لدى البنك المركزي، مشيرة الى أنه خلال عامي 2009 و2010 لا يوجد نمو في العرض النقدي، فلا خلاف على دعم البنوك المحلية، ولا توجد لدينا مشكلة تجاه دعم البنوك، كوننا نؤمن بأنها هي عصب الاقتصاد في عملية التمويل.

واختتمت قائلة: "نحن مع أن تتم أي عملية تمويل تحت غطاء بنك الكويت المركزي وتحت رقابته، نافية أن تكون هناك ضغوط على القائمين على صندوق التنمية، حيث إن قيمة المشاريع ستحدد قيمتها قبل التنفيذ.

النفيسي: يجب ألا يتحول الحديث

عن الخطة إلى حوار طرشان

وقال رئيس مركز الجمان ناصر النفيسي، إن الجميع يسعى الى ما فيه خير ومصلحة الكويت، فالجميع متفق على ضرورة التنمية ويجب أن نصر على نجاح تلك الخطة، فهي تمثل مستقبل الكويت ومستقبل الأجيال المقبلة، فقد تأخرنا بما فيه الكفاية خلال السنوات الماضية.

وطالب النفيسى بألا يتحول الحوار حول الخطة التنموية الى حوار الطرشان، فيجب أن يتم التنسيق والتعاون بين جميع الأطراف، خاصة أن الأمور لم تتبلور حتى الآن، ولم يتخذ فيها أي قرار، وهناك نوايا وتوجهات حسنة يجب ترشيدها من المجتمع المدني.

وفي رأيه المحايد قال إن المشكلة تكمن في عملية التمويل، وإن كانت هذه المشكلة قائمة فهي مبررة، منشيرا إلى أن جميع البنوك فوجئت بحجم الكارثة والأزمة الاقتصادية، فالبنوك من حقها أن تتردد تجاه تمويل الشركات، إذ إن هناك شركات ورقية ووهمية تقدمت بالفعل بطلب ائتمان، كما أن هناك شركات كبرى وعملاقة يقدم أصحابها طلب ائتمان بناء على شركات صغيرة تابعة لها، وهذا ما يعتبر تلاعبا جديدا، إذ تقدم أوراق شركة تابعة، وهذا الكلام مرفوض جملة وتفصيلاً.