كم هو مؤلم عندما نشعر أننا هنا نمارس جميع حقوقنا، بل نمتلك حق الاعتراض والانتقاد، في حال أن هناك مَن يتم استغلال أجسادهم الواهنة وتدمير أخلاقهم واستغلالها بأبشع الطرق ولا نستطيع مساعدتهم! منذ قرابة عامين شاهدت فيلماً باسم «taken» وأثر فيّ على نحو بالغ التأثير، حيث تناول قصة فتاة في السابعة عشرة من عمرها، ذهبت في رحلة إلى باريس وتم اختطافها من قبل عصابة تقوم بالاتجار بالنساء بعد إجبارهن على الإدمان حتى يصبح أقصى آمالهن الحصول على حقنة مخدرة، ويرضين أن يقمن بممارسة الدعارة التي اتخذتها العصابة تجارةً تدر عليهم الكثير من النقود، ويتم بيع النساء العذراوات في مزاد للأثرياء، ومن هنا يتم التعامل مع هؤلاء النساء كسلع، أي فقدن الحق في كل شيء ولم يتبقَ لهن سوى حق التنفس، عدا ذلك فهن خسرن كل شيء.

Ad

تأثرت بالغ التأثر حينما علمت أن الاتجار بالبشر هو عملية واقعية تمارس في حياتنا حتى اليوم، حيث لم يكن هذا الفيلم خيالاً أو مجرد قصة تحتوي على حبكة، بل هو واقع حقيقي يعيشه العالم، ولن أستثني العالم العربي من ذلك.

حيث يتم بيع الأطفال والنساء كسلع مطلوبة، وفي بحثي عن تعريف للاتجار بالبشر وجدت التعريف الآتي: هي عملية توظيف، أو انتقال، أو نقل، أو تقديم ملاذ لأناس بغرض استغلالهم. عملية الاتجار تتضمن أعمالاً غير مشروعة كالتهديد أو استخدام القوة وغيرها من أشكال الإكراه أو الغش... هذا الاستغلال يتم من خلال إجبار الضحية على البغاء أو على أي شكل من أشكال الاستغلال الجنسية، والعبودية أو غيرها من الممارسات المقاربة لها.

ولا ينحصر كون الاتجار جنسياً بل هناك من يتم بيع أعضائهم، وآخرون يعملون لساعات تمتد لعشرين ساعة بأجور زهيدة، أو حتى من دون أجر، وهي عبودية مصنعية، وهناك من يجبر على ممارسة السرقة أو الزواج السياحي.

خلق الإنسان حراً ليكون ملكاً لنفسه لا أن يتم التعامل معه على أنه سلعه أو وسيلة لبيع خدمات يقوم بها، فلا شيء أقسى من أن تمارس عليك العبودية لتجعلك تفقد إرادتك وحريتك، بل إنه حتى حق الحلم يصبح محرماً، لا تملك شيئاً على الإطلاق وتشاهد الاغتصاب يمارس بحقك دون أن تملك القوة أو القدرة على الرفض، فلا شيء أقسى من ذلك، لكن كثيرين يجهلون أن الاتجار بالبشر موجود بكل دول العالم حتى في الكويت، ويدفع ضحايا الاتجار بالبشر ثمناً مخيفاً يتمثل في الإيذاء الجسدي والنفسي والأخلاقي بما في ذلك الإصابة بالأمراض، وإعاقة النمو الذي غالبا ما يترك أثراً دائماً في أجسادهم ويتم نبذهم من قبل عائلاتهم ومجتمعاتهم.

وتشير الإحصاءات إلى أن الربح وصل من 5 إلى تسعة مليارات دولار في عام 2004 في الولايات المتحدة فقط من خلال الاتجار بالبشر، ومن المتوقع أن تضاهي أرباح الاتجار بالبشر بيع المخدرات، لذا فهي في تنامٍ وتزايد أكثر من أي وقت مضى!

سنّ القوانين وعقد المؤتمرات والخروج بتوصيات، لم تعد حالاً كافية لحل هذه المشكلة، حيث يتطلب الحل إجراء زيارات للدول التي تستغل هؤلاء الأطفال في العمل لساعات طويلة دون أجر، وملاحقة العصابات التي تقوم باختطاف النساء ليمارسن الرذيلة، حتى إن تم استخدام العنف في سبيل ضمان حقوقهم، فهؤلاء تم بيعهم واستغلالهم ولا يحلمون سوى بيوم يستطيعون فيه أن يمارسوا أبسط حقوقهم؛ مما يحتم وجود ملاجئ ومأوى لاستقبالهم وإعادة تأهيلهم!

فكم هو مؤلم عندما نشعر أننا هنا نمارس جميع حقوقنا، بل نمتلك حق الاعتراض والانتقاد، في حال أن هناك مَن يتم استغلال أجسادهم الواهنة وتدمير أخلاقهم واستغلالها بأبشع الطرق ولا نستطيع مساعدتهم!!

قفلة:

هناك يمني يقوم بإقناع اليمنيين ببيع أعضائهم مقابل مبلغ من المال، ويقوم هو بأخذ عمولته، حيث يتم المتاجرة بالكلى وقرنيات العين، وهي شبكة يمنية مصرية أردنية تقوم بالاتجار بأعضاء البشر، وحين تم إلقاء القبض عليه اعترف أنه تحول إلى سمسار بعد أن كان ضحية لتجار الأعضاء البشرية، وقيامه ببيع إحدى كليتيه في مستشفى بجمهورية مصر العربية!