الاغلبية الصامتة : البطل الصامت
ليس المقصود بالبطل الصامت هنا حمار ابن جحا في مسلسل «مذكرات جحا»، وليس أيضاً من ينطبق عليهم هذا الوصف من بعض الشخصيات الحكيمة التي آثرت الصمت هذه الأيام ووزارة الداخلية تغلي على نار «الحوبة» وحكمة «أن الله ما يطق بعصا»، إن بطلنا الصامت الذي أعلن عن وجوده بزئير أسد هو موقع «التويتر» الذي ولد في الكويت نهاية العام الماضي في حالة متفردة خلق عنفوانها قوانين رد الفعل وسخونة دماء الأحرار، وكل ممنوع مرغوب.
في هذه الأثناء وبينما جيل الآلة الكاتبة يحاول تلمس طريقه في استخدام ميزة المنبه في الهاتف النقال، انقلبت أحوال أبناء قبيلة «التوت الأسود» وكتائب «الآي فون» رأساً على عقب، قبل أربع سنوات فقط كان «اللاب توب» لا يخرج من المنزل كثيراً وثورة «البلوغرز» للتو اشتعلت بسبب حملة «نبيها خمس»، وبعدها بسنة ظهرت صحيفة الآن الإلكترونية» وقبلها «الفيس بوك» لتصنع جميعها عالماً افتراضياً نحصل فيه على الخبر والتحليل في التو واللحظة دون تأخير أو تضليل.كل ما سبق كان كافياً ومشبعاً حتى بلغ الانحراف الإعلامي أقصى درجاته، فالفضاء تشبّع بقنوات التدليس وإبراز كل من لفظته البيئات النظيفة ليسمم عقول الناس بساعات بث لا متناهية، صحف تقدمية أدمنت الإجازات المرضية حين ينادي المنادي، وصحف أخرى تعيش حالة انفصام، فمرة تكون هي ومرات تكون «مستر هايد»، وكتاب بارزون كانوا في مقدمة الدفاع عن المكتسبات الدستورية فآثروا البقاء في المؤخرة وتبرير كل ما يصعب الدفاع عنه... باختصار كان كل ما يشاهده الناس أمامهم وفي «اليوتيوب» شيئا، وكل ما يروى ويكتب على لسان من سبق شيئاً آخر. وأتى تاريخ الثامن من ديسمبر وهو تاريخ أحداث ديوانية الصليبيخات ليكون يوماً مفصلياً في تاريخ أبناء قبيلة «التوت الأسود» وكتائب «الآي فون» حيث توجه الجميع إلى حفلة «التويتر» الدائمة ليبحث عن مكان فيها، حتى النواب دخلوا من دون استئذان وسهروا حتى ساعات متأخرة، وقبل أن أنسى فقد دخل معنا العسس ليؤدوا أعمالهم بالأمانة والصدق. قبل أن نخوض في هذه المسألة علينا أن نشرح قليلا، فكل مواقع التواصل الشهيرة والبريد الإلكتروني تم تكييفها بنماذج مصغرة لتدخل في هواتفنا النقالة التي أصبحت جهاز كمبيوتر حقيقياً ملتصقاً بنا أغلب الأوقات، وآخر نموذج «هب» فيه الكويتيون هو «التويتر»، إن التغريدة الواحدة تكتب بحد أقصى 140 حرفاً فقط أي أن «الهذرة» ممنوعة والاختصار سيد الموقف، ولأن أغلب شبابنا لا يكتبون عادة فقد وجدوا في العصفور الأزرق ضالتهم، كل من حضر ندوة أو شاهد برنامجاً يمكنه التحول إلى صحافي ميداني وينقل ما يراه بكتابة تغريدات متلاحقة بصورة أفضل من خدمات الرسائل الإخبارية.في الختام لقد عشت تجربة شخصية مع عالم «تويتر» الذي دخلته في 4 مارس العام الماضي بحساب (@KuwaitDaily) وقبل 8 ديسمبر كان لدي 300 متابع، وبعد أن كتبت عن أحداث الصليبيخات ارتفع عدد المتابعين ليصل إلى حوالي 1200، تلك التجربة هي درس لمن يعتقد أن الكويت يمكن تغطيتها ببطانية سميكة... أقول هيهات!الفقرة الأخيرة: «التويتر» بطل صامت لأن إنجازاته الإخبارية تتم بصمت ودون ضجة.