كان البعض يظن أن الحكومة تستند إلى قاعدة برلمانية ثابتة، راسخة، لا تستطيع العواصف السياسية هزها ولا تحريكها عن مكانها، قاعدة تستطيع الحكومة أن تركن إليها في مواجهة أي معارضة لها، لذلك كانت الحكومة في تصريحاتها واثقة بقدرتها، فالعدد المضمون يعطيها الثقة بنفسها وبقرارها، وكان المراقبون يراهنون على أن هذه الحكومة يمكن أن تسجل عمراً أطول من سابقاتها، وقد تتمكن من إكمال عمرها الدستوري دون حتى الحاجة إلى تعديل أو تدوير وزاري، لكن الحلم تبخر، وما كنا نظنه نهراً دفاقاً كان مجرد سراب يحسبه الظمآن ماءً، فقد ظهرت الشمس وانجلت الصورة، وبانت الحقيقة، وانقلب المؤيدون المضمونون، والحلفاء الأوفياء إلى صفوف المعارضة، بل إلى المقدمة رافعين السيوف والحراب في وجه الحكومة، واندفعوا بإعلان الاستجواب تلو الاستجواب في حركات بهلوانية، استعراضية، تدل على الاستخفاف بالأداة التي استخدموها لإعلان التبدل في موقفهم، وتدل أيضاً على هشاشة المبدأ الذي كان يحكم العلاقة بين الحكومة ومؤيديها.

النائب صالح عاشور أوضح الأسباب التي دفعته ومجموعته إلى الانقلاب على الحكومة والاندفاع ضدها وإعلان الحرب عليها، واستعداده للوقوف إلى جانب كل مَن يعلن النية لإسقاطها، والأسباب كما أوضحها أنها لم تقف معه ومع مجموعته في فتنة البحرين، حتى وإن كان السبب في ذلك حرصها على استقرار البلد وعدم جره إلى مهاوي الفتنة الطائفية التي اشتعلت في البحرين وكادت ألسنتها أن تصل إلينا.

Ad

استقرار البلد والتفرغ لتنميته وتطوير مرافقه، والانشغال بتحقيق طموحات المواطن الكويتي، والسعي نحو الوصول إلى رفاهيته كانت هي الأسباب المعلنة، والتي كان عاشور ومجموعته يرددونها في كل مناسبة ويستندون إليها في موقفهم الصريح لتأييد الحكومة والوقوف في وجه كل مَن أراد أن يمسّها بسوء، أو حتى يلوح باستجواب أحد وزرائها، فلما ظن أن الحكومة خذلته في موقف فيه له مصلحة حتى ولو خالفت تلك المصلحة مصلحة الكويت انقلب عليها وأعلنها حرباً ضروساً لا تبقي ولا تذر.

إذا كان هذا هو حال أعضاء المجلس، يقدمون مصلحتهم ومصلحة طائفتهم ومصلحة حزبهم وقبيلتهم على مصلحة البلد، فكيف حال الباقين؟!... لك الله يا وطن.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة