لا شكّ في أن العالم يشهد تغيّرات ملحوظة تنعكس بصورة واضحة على الصعد كافة، خصوصاً على حياة الأسرة والعلاقة بين الزوجين. ولا شك في أن العادات تبدّلت وباتت وجهات النّظر مختلفة كثيراً بين مجتمع وآخر. ولكن هل يمكننا القول إن دور الزوحين اليوم أصبح مغايراً تماماً عما كان عليه سابقاً؟ وهل كَثُرت المسؤوليّات التي تقع على عاتق كلّ منهما؟
حين يختار الإنسان شريك حياته ويقرّر أن يمضي معه ما تبقى من عمره، ينبغي أن تكون أفكارهما متقاربة الى حدّ ما. أما إذا اختلفت وجهات النّظر، فيجب أن يحترم كل طرف آراء الآخر. فضلاً عن ذلك، من الضروري أن يتبادل الشريكان الأفكار والنقاشات بشأن المسائل كافة. ولكن يبدأ الجدل بين الزوجين عندما يتّخذ أحدهما قراراً يعارضه الآخر، ما يؤدي الى تفاقم المشكلة بينهما. وفي بعض الحالات، يختلف الزوجان بشأن قرارات عدة قد تكون بسيطة، كاختيار المدعوّين إلى حفلة ما أو انتقاء لون الطلاء المناسب للغرفة، أو بشأن قرارات أكثر جدّية ترتبط غالباً بالأولاد.عندما يعيش الزّوجان تحت سقفٍ واحد، يتشاركان المسؤوليّات كافةً، ويتشاوران بشأن مختلف المواضيع المتعلقة بالحياة اليوميّة العاديّة ومسائل أخرى أكثر أهمية. ولا شكّ في أنّ الحوار أهم عناصر التواصل والتفاعل والتقارب في الحياة الزوجيّة، إذ يساعد الزوجان على تفادي أيّ سوء تفاهم بينهما ويساهم بشكل كبير في تعزيز علاقتهما وتوطيدها. على سبيل المثال، بعد يوم طويل من العمل الشاق، يتوق كلٌّ من الشريكين إلى العودة إلى المنزل للجلوس أحدهما مع الآخر والتحدّث عما صادفاه خلال يومهما. فيشعران بالرّاحة لمشاركة أحدهما الآخر في مشاكل العمل والأسرة.مع تغيّر نمط العيش وتطوّر طريقة التفكير، أصبح الإنسان يتمتّع باستقلاليّة أكبر، ما يؤدي في بعض الحالات الى وقوع مشاكل بين الزوجين. مثلاً، صارت المرأة اليوم تحظى باستقلالية أكبر. فهي تشغل مناصب مهمّة في مجالات كثيرة وباتت تساعد أسرتها في المسائل المادية أيضاً. لكن يرفض بعض الرجال رفضاً قاطعاً فكرة أن تعمل زوجاتهنّ، ومن هنا تبدأ الخلافات والمشاكل بين الطّرفين لتنتهي بالطلاق أحياناً. لذلك، على الزوجين أن يحاولا قدر المستطاع حلّ هذا النوع من المشاكل بالتّفاهم والاستماع أحدهما إلى الآخر وتقبّله رغم الاختلافات بينهما. وبهذه الطريقة، ينجحان في الحفاظ على الرابط بينهما ويحولان دون تشتّت العائلة. بالإضافة إلى ذلك، ثمّة عادات سيّئة على الزوجين تفاديها قدر المستطاع، مثل تكلّم أحدهما على الهاتف فترة طويلة من دون أن يعير الآخر أيّ أهميّة. يعتبر البعض أنّ هذه العادة إهانة قد تؤدي إلى مشاكل جمة.فضلاً عن ذلك، تقتضي الحياة الزوجية وجود مساحة مشتركة بين الزوجين، سواء في اتخاذ القرارات الأسرية، أو في تربية الأولاد والاهتمام بشؤونهم. وبما أن المجتمع العربي مجتمع ذكوري، ترجع الأولوية المطلقة في اتخاذ القرارات الأسرية الى الرجل، لا المرأة، على رغم ما حققته لغاية اليوم من نجاحات واستقلالية، حتى أنها باتت تتمتع في بلدان كثيرة بالحقوق ذاتها كما الرجل. ويعتبر كثر أن الكلمة الأخيرة للبتّ في أيّ قرار تعود الى الرجل، بما أنه ربّ الأسرة والمسؤول الأول عنها. ولكن مع تطوّر المجتمعات العربية ونضال المرأة ومثابرتها المستمرّة في العمل وسعيها الى التقدّم في مختلف المجالات، وخصوصاً المهنية منها، أصبحت تفرض رأيها وتتقاسم الأدوار مع الرجل في البيت وخارجه، بل قد تكون أحياناً كثيرة صاحبة القرارات الحاسمة، كما أظهر بعض الإحصاءات الأخيرة. ولكن كي يكون الزواج ناجحاً ومبنيّاً على أسس قوية، يجب أن يسوده التفاهم، فيتعاون الزوجان معاً لاتخاذ القرارات المهمّة، ما يسهّل عليهما تجنّب المشاكل التي تؤدّي في النّهاية إلى انفصالهما.صحيح أن المرأة طالبت بالمساواة مع الرجل وبدأت تعمل في جميع المجالات لتساعد زوجها على تأمين لقمة العيش، ولكن ما زال عليها العودة إلى المنزل لتقوم بواجباتها المنزليّة وتربّي أولادها. نتيجة لذلك، من الطبيعي أن تشعر بالإعياء بسبب كلّ هذه المسؤوليات المترتّبة عليها داخل البيت وخارجه، ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى ظهور النفور والتذمر بين الزوجين. لذلك، يشدّد الخبراء على أهميّة أن يساعد الزّوج زوجته في بعض الأعمال المنزليّة لينعما بالرّاحة والسّعادة والاستقرار.أخيرًا، لا تقوم العلاقة الزوجيّة على الحبّ فحسب، بل تُعتبر مسؤوليّة كبيرة قوامها الحفاظ على قيم عدة، كالتّعاون والاحترام والتّسامح. ولا ننسى أهميّة الحوار الذي يجنّب الزوجين سوء التفاهم ويساهم في حلّ المشاكل، وتحمّل المسؤوليّة وبذل الجهود الكافية للحفاظ على أسرتهما وتقوية علاقتهما الزّوجيّة.
توابل
القرار... في يديكما
09-04-2011