قمم أميركا!
تحت شعار "من أجلك يا وطن... نصنع قمم" نظم الاتحاد الوطني لطلبة الكويت فرع الولايات المتحدة مؤتمره السنوي السابع والعشرين في حشد بشري يعد الأكبر من نوعه خارج الكويت، وقد كان لي شرف المشاركة مع بناتنا وأبنائنا الطلبة في هذا النشاط المتميز بكل معنى الكلمة.وخلال السنوات الخمس الماضية كانت هذه المرة الثالثة لي شخصياً لحضور هذا التجمع الطلابي الكبير، وقد خرجت منها بجملة من الانطباعات الجميلة أرى من الضرورة سردها لأهميتها خصوصاً في ظل المشهد السياسي الراهن في الداخل الكويتي.
وبادئ ذي بدء يمكن القول إن الحركة الطلابية عموماً وفي الولايات المتحدة تحديداً تعتبر قوة متنامية قابلة للنضج التراكمي رغم كون روادها من العناصر الشبابية والمتجددة في العشرينيات من العمر، وحيث لا يتجاوز مدة بقاء الغالبية العظمى من الطلبة في الخارج خمس سنوات، وهذا ما يدل على أن كل دفعة طلابية لا تبدأ من الصفر إنما تكمل مسيرة سابقتها، وتنطلق من خبراتها لتبني عليها بدلاً من نسفها أو إنكار دورها، الأمر الذي يساهم في إرساء منظومة تراكمية ناجحة بكل المقاييس. ومن جانب آخر، المكون الطلابي هو ذات الامتداد الطبيعي للشرائح الكويتية المختلفة بتقسيماتها المذهبية والقبلية والفئوية والفكرية والسياسية، ومع ذلك فإنها تتعايش وتلتقي وتمارس أنشطتها في حالة من الانسجام والانصهار الوطني التي نفتقدها داخل الكويت، والصوت الكويتي والهوية الكويتية والخطاب الوطني يعلو فوق أي صوت فئوي أو عباءة طائفية أو نشاز قبلي وبقناعة وإدراك، وحتى التنافس الانتخابي أخذ هذا الطابع الناصع، حيث القوائم الطلابية المتنافسة تضم السنّة والشيعة والحضر وأبناء القبائل ليكون السباق بينها على الأهداف ومنهجية العمل وأدوات تحقيقها.ومن جهة ثالثة، فإن ما يبهرك في هؤلاء الشباب أنه رغم الأعباء الدراسية وفي تخصصات علمية صعبة مثل الطب والهندسة وإدارة الأعمال والدراسات العليا، تجدهم من المتابعين لشؤون بلدهم بتفاصيلها الدقيقة، ولديهم في الكثير من الأحيان حلول ورؤى للمشاكل القائمة مصحوبة بجرأة الطرح وحماس الموقف والنية الصادقة، الأمر الذي ينعش روح الأمل بمستقبل بلدنا في ظل حالة الركود الآسن والإحباط والقلق من الممارسات والقرارات التي أوصلتنا إلى مستوى التخلف السياسي وتهديد الأمن الوطني والتردي في الخدمات العامة المختلفة.وأخيراً، فإن تنظيم مؤتمر حاشد سنوياً ومتنامٍ في مستوى الحضور الكبير والمشاركة التي لا تضم فقط الطلبة بل العديد من أولياء الأمور والمؤسسات الحكومية والخاصة والضيوف من الشخصيات السياسية والاقتصادية والدينية والثقافية والرياضية يدل على قدرة شبابنا الطلبة، وهم في عمر الزهور، على الإدارة الناجحة والتفاني في العمل، وهذا ما يبرهن على قدرة هؤلاء الشباب، خصوصاً بعد اكتساب مزيد من الخبرة على إدارة ما هو أكبر من تنظيم مؤتمر طلابي كبير.ولكن هناك عتب على أبنائنا وبناتنا أنهم بمجرد عودتهم إلى الوطن سرعان ما ينصهر عدد كبير منهم في الواقع المر والقلة الباقية ينعزلون عن الحياة العامة بسبب ما يصطدمون به من معوقات وإحباطات، ولهؤلاء نقول إنكم أنتم القمم فحافظوا على توهجها وتألقها، وقد تكون إحدى صور هذا التألق هي التي تشكل اتحادا للخريجين يضم الوجوه النيرة التي ساهمت في الحركة الطلابية في الخارج وتنظيم مؤتمرات شعبية مثل مؤتمر ميامي 2010 وقيادة الحراك السياسي بذات المعايير الوطنية والطعم الطلابي اللذيذ!