مبادرة خادم الحرمين الشريفين!
إذا أضاع العراقيون هذه الفرصة القيمة التي وفرها لهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز فإن حالهم ستكون كحال ذلك الغريق الذي يُرمى له بطوق نجاة، لكنه بدلاً من أن يتشبث به وينقذ نفسه يرفسه بقدمه ويترك الأمواج تبتلعه، وهذا مهما جرى تلطيفه فإنه انتحار بكل معاني هذه الكلمة.ليس وراء هذه المبادرة الصادقة والكريمة إلا دافع الحرص على بلد عربي رئيسي باتت تبتلعه الفتنة العمياء، وغدا نهباً للتدخلات الخارجية، الإقليمية على وجه التحديد، وتواصَلَ عجزُ مكوناته السياسية عن تشكيل حكومة تنقذ البلاد من فراغ سياسي وإداري وسُلطويّ أصبح يتهددها إن لم يغتنم العراقيون هذه الفرصة التي وفرها لهم خادم الحرمين الشريفين.
لا يوجد أي عذرٍ لأي تيار أو حزب أو جماعة أو مجموعة لعدم التقاط طوق النجاة هذا الذي وفَّرته المملكة العربية السعودية للعراق وأهله، وعلى هذه القوى جميعها أن تتقي الله في شعبها ووطنها، وأن تغلَِّب المصالح العليا لهذا الشعب وهذا الوطن على كل الانحيازات المذهبية والطائفية، وعلى الولاءات الإقليمية المعروفة، وتذهب إلى الرياض لتتواجه هناك بقلوب سليمة ونوايا صادقة، لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة تطوي صفحة الأعوام السبعة الماضية التي كانت صفحة صفراء مريضة ومؤلمة.لا يوجد لمبادرة المملكة العربية السعودية، التي لم تسارع في أي يوم من الأيام إلى إسناد أي دولة شقيقة لحسابات خاصة، أي دوافع خاصة. والمملكة العربية السعودية بقيت، منذ أن بدأت محنة هذا البلد الشقيق، ترفض أي تدخل إقليمي وغير إقليمي في شؤون العراق الداخلية، وهكذا فإن المؤكد أن دافع هذه المبادرة هو تخليص بلاد الرافدين من كل هذه التدخلات الخارجية التي أوصلتها إلى ما وصلت إليه، وانتشالها من هذا المستنقع الخطير الذي تغرق فيه.إنها فرصة يجب ألا تضيع وعلى المترددين، وفي مقدمتهم تيار دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي، أن يدركوا مغبة إضاعة هذه الفرصة، وأن يعلموا أن البديل لعدم التقاط طوق النجاة الذي وفَّره خادم الحرمين الشريفين لبلادهم هو الضياع والتمزق واستمرار هذا العنف الذي يضرب في كل مكان ويزهق في كل يوم العشرات والمئات من الأرواح البريئة.