الكويت دولة اقتصادها حر

Ad

فيما أعلم والله أعلم، أن اقتصاد الكويت اقتصاد حر، وأن حرية العمل وحرية النشاط التجاري والمهني، هما من السمات الأساسية في المجتمع الكويتي. وأنه في دول الاقتصاد الحر، تكفل الدساتير للأفراد إنشاء مؤسساتهم الخاصة وجمعياتهم المهنية ومنظمات المجتمع المدني، وفقاً للقانون.

وأن دستور الكويت حرص على أن يقرر هذه المبادئ الدستورية الراسخة في ضمير الجماعة في المواد (16) و(20) و(41) و(43)، حيث نصت المادة (16) على أن الملكية ورأس المال والعمل مقومات أساسية لكيان الدولة الاجتماعي وللثروة الوطنية، مع الحرص على بيان أنها حقوق فردية ذات وظيفة اجتماعية ينظمها القانون، كما نصت المادة (20) على أن الاقتصاد الوطني قوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص.

وتكفل المادة (41) حرية العمل، وتكفل المادة (43) حرية تكوين الجمعيات والنقابات.

 التزام قانون جمعيات النفع العام بمبادئ الدستور

وقد كان قانون جمعيات النفع العام، رقم (24) لسنة 1962، هو أحد القوانين التي أقرها المجلس التأسيسي، قبل أن ينتهي من إقرار الدستور، فالتزم المجلس التأسيسي في إقراره لهذا القانون، بالمبادئ الدستورية التي تقدم ذكرها، والتي جسدها المجلس بعد ذلك في نصوص مواد الدستور سالفة الذكر، فاعترف هذا القانون للأفراد بحرية تكوين الجمعيات، ولم يعط هذا القانون لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل سوى دور محدود هو تسجيل الجمعيات والنقابات والاتحادات وشهر قيامها في الجريدة الرسمية، ورقابة محدودة تمارسها الوزارة على هذه الجمعيات، في حال خروجها على أغراضها أو ممارستها لعمل غير مشروع.

 التزام قانون العمل بالدستور

وكان التزام قانون العمل في القطاع الأهلي رقم (38) لسنة 1964 بالمبادئ الدستورية ذاتها طبيعياً، وقد صدر بعد إقرار الدستور لها، فاعترف في المادة (69) بحق تكوين اتحادات أصحاب الأعمال وحق التنظيم النقابي للعمال، وقرر في المادة (85) أن لأصحاب الأعمال الحق في تكوين اتحادات غايتها تنظيم مصالحهم والدفاع عنهم، وسرى عليها في المادة (87) أحكام المواد الخاصة بتنظيم نقابات واتحادات العمال، والتي تسير في أعمالها طبقاً لنظامها الأساسي الذي وضعه أربابها.

وعندما صدر القانون رقم (6) لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الأهلي، الذي حل محل القانون رقم (38) لسنة 1964 حرص القانون الجديد على التأكيد في المادة (99) على مبدأ حرية تكوين النقابات والاتحادات، ولم يعط لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل سوى دور محدود في الرقابة على هذه النقابات والاتحادات لضمان عدم خروجها على نظامها الأساسي الذي وضعه أربابها.

مشروع قانون الغرفة طائر خارج سربه:

وهي مبادئ فطن إليها قانون الغرفة لسنة 1959، قبل صدور الدستور لرسوخها في ضمير الجماعة وقتها، ولكن مشروع قانون الغرفة لم يلتفت إليها، وهو ما سند إليه فيما يلي:

فقانون الغرفة سنة 1959، لم ينشئ الغرفة، بل نص في مادتها الأولى على أن "يكون إنشاؤها بناء على طلب ما لا يقل عن ثلاثين عضواً من أرباب التجارة والصناعة".

كما نص في المادة (14) على أن تقوم الغرفة بوضع نظام داخلي لها، يحدد فئات المنتسبين لها والشروط المطلوبة منهم، ونظام الانتخاب، والقواعد التي تتبع في إدارتها لإيرادتها ورسومها وكيفية جبايتها والتصرف فيها... إلخ ما تنص عليه هذه المادة.

لذلك فقد بدا لي مشروع قانون الغرفة الذي أقرته لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الأمة، طائراً يغرد خارج سرب النظام الدستوري والقانوني في الكويت، فقد قرر مشروع القانون إنشاء غرفة تجارة وصناعة الكويت، كمؤسسة خاصة وفقاً لتعريفه للغرقة الوارد في المادة الثانية، دون اعتبار لإرادة أرباب هذه المهن والحرف، بعد أن تجاهل وجود الغرفة الحالي، امتداداً لتجاهله لقانونها، الصادر سنة 1959، بما أورده من أحكام انتقالية خاصة بانتخاب مجلس الإدارة الأول، متجاهلاً أن لهذه الغرفة مجالس إدارة على مدى نصف قرن.

بل بدا لي حرص المشروع على ألا يترك صغيرة أو كبيرة ينظمها أرباب هذه المهن في نظام أساسي يضعونه بأنفسهم، أو في لائحة داخلية يقررونها مثلما هو متاح للجمعية العامة للغرفة في قانون سنة 1959.

فقد أغلق المشروع الباب أمام الجمعية العامة للغرفة أو مجلس إدارتها في وضع أي شاردة أو واردة في إدارة أعمال الغرفة وأنشطتها المختلفة، عندما نص في المادة الستين على أن "يصدر وزير التجارة والصناعة اللائحة التنفيذية لهذا القانون".

أليس ذلك خروجاًَ صريحاً على نص المادة (43) من الدستور الذي يكفل حرية تكوين الجمعيات والنقابات، وعلى دور المشرع في التدخل في تنظيم الأنشطة الخاصة، والذي يجد حدوده في مبادئ الاقتصاد الحر المنصوص عليها في المواد (16) و(20 و(41) من الدستور.

مشروع قانون تأميم الغرفة

ولا أجد ما أقوله أمام هذه المخالفات الدستورية في مشروع قانون الغرفة، سوى أن أستميح اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الأمة الموقرة عذراً في أن أضع لهذا المشروع عنواناًَ آخر هو، مشروع قانون تأميم الغرفة.

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.