إلى وزير الداخلية: أكتب إليك بعد أدائك اليمين الدستورية أمام أمير البلاد وزيراً للداخلية، وبعد مضي سنين طويلة على تركك هذه الحقيبة التي تغيرت كثيراً قبل أن تعود إليها مرة أخرى مطلوباً لا طالباً لها.

Ad

وزير الداخلية: لقد تحول العمل الأمني إلى وسيلة لكسب الشهرة، فرأينا ضباطاً وأفراداً يظهرون على صدر الصحف اليومية أكثر من نجوم الفن والرياضة، وعادة ما يكون ظهورهم نتيجة لقيامهم بواجبهم، وكأنهم يتفضلون علينا بممارسة عملهم، فبات من المتيسر التعرف على أسماء ورتب ومناصب أغلب العاملين بقطاعات وإدارات وزارتكم ومن بينها الإدارة العامة للمباحث، وفي أحيان أخرى أشكالهم، بمجرد تتبع أخبار الصفحات الأمنية لمدة أسبوع إلى أسبوعين، وهم من يفترض بهم القيام بعملهم متخفين.

وزير الداخلية: أصبح من العسير اليوم الحصول على ورقة حادث أو التقدم ببلاغ في كثير من المخافر نظراً لعدم وجود المحققين أو لوجود تشابك إداري وجغرافي بين المناطق والقطاعات، كما أصبح التماس مع أي قطاعات وزارتكم تجربة مرعبة لا تنتهي على ما يرام في أحيان كثيرة، وتظل رواسبها عالقة في النفس، سواء كان التماس من قبل الشخص أو من قبل الوزارة بأي من قطاعاتها، ولك في الحوادث التي ترافقت مع التحقيق في قضية مقتل مواطن نتيجة التعذيب خير مثال.

وزير الداخلية: في ظل التكنولوجيا لانزال نحصل على أوراق رسمية مختومة وموقعة من المخافر إلا أنها تبقى مكتوبة بخط اليد وعلامات ورق الكربون تحيط أطرافها، أما عمل بعض المحققين فتعتريه مزاجية وتعسف في بعض الأحيان، فهناك بلاغات تسجلها إدارة النجدة، ويرفض المحقق تسجيل قضايا فيها، وهناك قضايا تسجل دون بلاغات، أضف إلى ذلك عدم وجود قواعد لإصدار أوامر الضبط والإحضار أو الحماية من كيدية بعض الخصوم، وتشير صحفنا اليومية كذلك إلى عشرات القضايا الغريبة التي يكون المخفر أو التحقيق أحد أطرافها، إما بسب عدم تطبيق القانون وإما التقاعس عن القيام بالواجب.

وزير الداخلية: إن الكويت مجتمع صغير يعيش على تناقل المعلومات، لكن اللافت من خلال ما رأيناه على مدى السنوات الماضية أن وزارة الداخلية تمطرنا يومياً برسائل وتصريحات ومداخلات لضباط وقياديين حول عشرات القضايا، إلا أنهم يختفون فجأة متى ما احتجنا إلى سماع رأي الوزارة عند القضايا الجدية، وفي أحيان نسمع روايات مغلوطة عن الواقع كعدم ضرب الدكتور عبيد الوسمي خلال ندوة النائب جمعان الحربش من قبل القوات الخاصة، وهو المنظر الذي لايزال حتى الآن متاحاً على موقع «يوتيوب» بعد تكراره عشرات المرات على شاشات القنوات الفضائية.

وزير الداخلية: لا يكاد بيت يخلو في الكويت من حادثة تعرض لها مواطن أو مقيم إلا كانت وزارتكم الكريمة أو أحد منسوبيها طرفاً فيها، بدءاً من الازدحام المروري مرورا بتحرش العسكريين بالفتيات وفي الآونة الأخيرة الجنس الثالث، مروراً بسوء استغلال السلطة والنفوذ، وحتى تأخر إصدار جوازات السفر وسمات الدخول إلى البلاد، وهذه جميعها تبين وجود خلل ما داخل الوزارة، فكان قدركم اليوم أن تحملوا في هذا الوقت حقيبة حساسة اختلفت تماماً عما كانت عليه قبل عشرين عاماً، فالتحديات كثيرة والمخاطر مختلفة، لكنها حتما ليست من مواطنين يعبرون عن رأيهم كما رأيت بنفسك مساء الأول من أمس أو كما تتابع ما ينقله المدونون والمغردون في فضاء الإنترنت، فهؤلاء أبناء الكويت يماثلونك وبقية أسرتك الكريمة حب هذا الوطن، ومن الأجدى بدلاً من ملاحقتهم وتتبع كلامهم التعامل معهم بشفافية، لأن من يريد التخريب حتماً لا يمارس عمله علنا بالنور.

والسلام ختام.

على الهامش:

أصدرت محكمة التمييز مطلع الأسبوع حكمها بقضية تزوير اكتتاب أسهم بنك بوبيان فذكرت صحيفة «النهار» على صدر صفحتها الأولى أن المحكمة برأت 22 رجل أعمال وشيخاً من تهمة تزوير طلبات اكتتاب أحد البنوك، وكتبت صحيفة «عالم اليوم» أن المحكمة أيدت حكم إدانة مزوري اكتتاب بنك بوبيان بينهم نائب وشيوخ ورجال أعمال... فمن نصدق؟!