صرحت الحكومة بأنها في صدد تقديم تعديلات على قانون المرئي والمسموع بغية تشديد العقوبات على ممارسة حرية الرأي والتعبير من أجل تقييدها أكثر مما هي مقيدة الآن؛ مع أن ذلك يعتبر مخالفة دستورية لأن الدستور ينص صراحة على أن الأصل هو إباحة حرية الرأي والتعبير والبحث العلمي؛ على أن يأتي القانون لاحقا لتنظيمها فقط وليس لتقييدها.

Ad

وفي هذا السياق، فإنه من غير المستبعد أن تستغل الأحداث التي برزت بشكل مؤسف في الآونة الأخيرة من قبل الحكومة ومن يؤيدها من أعضاء مجلس الأمة للمطالبة بفرض قيود جديدة أكثر تشددا على حرية الرأي والتعبير؛ رغم أن حرية الرأي والتعبير لا علاقة لها البتة بما تبثه بعض القنوات الفضائية، وبما تنشره بعض الصحف، إذ إن ذلك يدخل في خانة الدعوة للكراهية والبغض الاجتماعي وازدراء بعض الفئات الاجتماعية، وهو مجرّم قانونا في الكويت وفي الدول الديمقراطية كافة، إذ يكفي أن نعرف أن قانوني المطبوعات والمرئي والمسموع فيهما من العقوبات القاسية ما يكفي، لو طبقته الحكومة في وقف الإساءات الشخصية والفئوية والعنصرية التي دأبت بعض القنوات الفضائية وبعض الصحف على بثها من دون توقف.

خذ على سبيل المثال لا الحصر الحق الذي أعطاه قانون المرئي والمسموع للحكومة في معرفة مصادر التمويل الذي تحصل عليه القناة الفضائية أو الصحيفة، بل تعيين مراقب مالي لمتابعة ذلك، إلا أن الحكومة لم تفعّل هذا البند مما جعل بعض القنوات الفضائية وبعض الصحف تخفي مصادر تمويلها مع ما في ذلك من محاذير تمس الأمن الوطني؛ مثل إمكانية تمويل جهات خارجية لها مصالح خاصة لبعض وسائل الإعلام المحلية من أجل زعزعة الأمن الداخلي.

من ناحية أخرى فإنه بدلا من التفكير الحكومي الدائم في تقييد الحريات العامة والشخصية التي كفلها الدستور، والذي يعتبر وسيلة خادعة للهروب من مواجهة المشاكل المجتمعية فإنه يفترض أن تبحث الحكومة ومعها مجلس الأمة عن الأسباب الحقيقية، التي جعلت الناس في السنوات الأخيرة مستفزة طائفيا وفئويا بدرجة مبالغ فيها؛ مع الأخذ في عين الاعتبار أن القوانين بحد ذاتها لا تكفي لحل المشاكل العامة مهما كانت درجة أحكامها.

قصارى القول إن حرية التعبير وإبداء الرأي بريئان مما نشاهده حاليا من انقسام داخلي مؤسف، وما نراه من فوضى سياسية لن نستطيع تجاوزهما ما لم تكن هناك عملية إصلاح سياسي شامل، وتجديد ديمقراطي حقيقي؛ نرى أنهما مستحقان الآن قبل أن تبتلع الفوضى السياسية ويلتهم الفساد السياسي ما تبقى لنا من حرية نسبية.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة