وكأن غزة لا تنقصها ويلات حتى تتحدى حكومتها الحماسية المُقالة الوجدان العربي وتوجه دعوة إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لزيارة "القطاع" المنكوب والمحاصر من البر والجو والبحر، وكان الأحرى بدلاً من هذا الاستفزاز السافر أن تكون هذه الدعوة للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) لإعلان نهاية الانقسام وعودة الوحدة الوطنية، وعفا الله عما سلف.

Ad

كان على "حماس" التي بادرت مبكّراً إلى وضع نفسها في الشق الآخر من المعادلة الإقليمية المتحدي لأغلبية العرب والمستفز لأغلبية الدول العربية أن تدرك أهمية ألا ينحاز الفلسطينيون بينما قضيتهم بحاجة إلى جهد الجميع، عرباً ومسلمين، إلى أي جهة عربية ضد الجهة الأخرى، وألا يشكلوا رأس جسر لأي جهة في هذه المنطقة على حساب العرب وعلى حساب الفلسطينيين.

ربما لا يعرف قادة "حماس" الذين التحقوا بالثورة الفلسطينية متأخرين زهاء ربع قرن أن الحركة الوطنية الفلسطينية بقيت حريصة على الإمساك بالعصا من وسطها في زمن صراع المعسكرات الذي انعكس على الدول العربية، فأصبح هناك معسكران عربيان، أحدهما مع الشرق والآخر مع الغرب، إلى أن كانت تلك الغلطة التاريخية عندما انحازت منظمة التحرير ولو شكليّاً إلى صدام حسين بعد غزو الكويت، حيث أصبحت خسارة الفلسطينيين كبيرة جدّاً بفقدهم ولو مؤقّتاً دعماً رافق انطلاقة الثورة الفلسطينية منذ البداية، واستمر على مدى كل السنوات اللاحقة.

ما الذي يستفيده الفلسطينيون من الدعوة، الموظفة توظيفاً واضحاً ضد مصر، التي وجهتها حكومة "حماس" المقالة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجّاد، والتي في ضوء عدم وجود إمكانية فعلية لتنفيذها لا يمكن إلا أن يكون هدفها استفزاز دول عربية متأذية من تدخل إيران السافر في شؤونها الداخلية؟

ليس في مصلحة فلسطين وشعب فلسطين كل هذه الألاعيب السياسية البهلوانية فالقضية الفلسطينية يجب أن تبقى بعيدة عن كل هذه الاستقطابات، وبخاصة أنها في حقيقة الأمر قضية العرب التي من الضروري أن تبقى بعيدة عن الاتجار السياسي وعن استدراج دببة المنطقة التي تتضور جوعاً للهيمنة على هذه المنطقة، والتي كل ما يهمها هو استخدام قضية مقدسة لإقامة رؤوس جسور لنفوذها في الشرق الأوسط العربي كله.