ثمانية عشر يوماً هزت العالم

نشر في 14-02-2011
آخر تحديث 14-02-2011 | 00:00
 أ.د. غانم النجار هل كان نائب الرئيس المصري عمر سليمان في كلمته الأخيرة القصيرة والمقتضبة، التي أعلن فيها تنحي الرئيس المصري السابق حسني مبارك عن الرئاسة، يعد عدد الكلمات؟ وهل كانت مصادفة أن إجمالي عدد الحروف التي تكونت منها تلك الكلمة لم يزد على 138 حرفاً؟ وهل كان سليمان يعرف أن عدد الحروف المسموح بها في رسائل تويتر لا يتجاوز 140 حرفاً؟ وهل استوعب النظام المصري حقيقة الثورة متأخراً ليستطيع أن يوصل رسالته عبر تكنولوجيا اتصال الثورة؟

هي الثورة إذاً. شعاراتها حرية، وكرامة، وحقوق إنسان، وعدالة، ومساواة، وتعددية. أشعلها هواة كما قيل فرضخ لها المحترفون بكل تلاوينهم، وسقط أمامهم العتاة وتهاوت أسوار ما كان لها أن تهوي. اختفت الشعارات العقائدية أو لم يكن لها أثر يذكر.

ثورة كان في إبداعها تحديد موعد وزمان، وهكذا كان، عجلت فيها ثورة تونس، فطورت أدواتها، وقررت فعلها فأي فعل كان.

أجمل ما في الثورة المصرية، سلميتها، وصمودها وعدم انحرافها عن هدفها وأنها بنت عصرها، كما أنها أظهرت لنا أجمل ما في الشعب المصري.

بالطبع، الطريق مازال طويلاً أمام ترسيخ القواعد الحاكمة للنظام السياسي القادم ونشوء دولة مدنية، تحتكم إلى دستور يؤسس لتداول سلطة، وحريات عامة، ونظام حزبي، وحرية تعبير وقبل هذا وذاك قضاء مستقل. كما أنه لابد من التنبيه بأن الديمقراطية لا تقدم حلولاً سحرية، ولكنها تقنن الصراع داخل المجتمع، وكما أنها تأخذ بالاعتبار حكم الأغلبية، فإنها بالمقابل تحترم الأقلية ولا تتعامل معها كمواطنين من الدرجة الثانية.

لم يعد مهماً هنا من سيصل إلى سدة الحكم، ولكن الأهم هو كيف سيصل، وما هي المبادئ التي ستحكم الوصول من شفافية، وتداول سلطة، وحكم رشيد، وهذا الذي ستنتجه الثورة.

مازال هناك الكثير مما يمكن أن يقال في الثورة المصرية، أما الآن فإنه زمن الفرح الحر والنفس المطلق في فضاء ميدان التحرير، والتحية إلى كل أولئك الذين زرعوا فينا أملاً جديداً وعلى رأسهم الشهداء أزهار الإنسانية، وعاشت مصر حرة كريمة قادرة فاعلة فتختفي للأبد «غطيني يا صفية... ما فيش فايدة».

لقد كانت حقاً ثمانية عشر يوماً هزت العالم، سيطرت على اهتمام ووعي البشر في كل مكان، ورسمت خريطة طريق للمستقبل، مستقبل لا يعتمد على الاستلاب والاستبداد، بل مستقبل يقوم على كرامة الإنسان واحترام كيانه.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top