جرت في العشرين من مايو عملية انتخاب أعضاء جدد لمجلس حقوق الإنسان لمدة 3 سنوات جديدة. وكانت العملية قد تمت في أقل درجة من التنافسية ولم يؤخذ في الاعتبار فيها مدى احترام الدول لمعايير ومبادئ حقوق الإنسان.

Ad

دخلت الكويت ضمن تلك العملية مُرغمة ودون تخطيط مسبق، حيث كان مقرراً لها أن تترشح في سنة 2013. إلا أن انسحاب سورية من الترشيح عن المجموعة الآسيوية أدخل الكويت حلاً للإشكال، وإن كنت أرى أنه كان من الأفضل عدم ترشح الكويت واحتفاظها بترتيبها السابق.

انسحاب سورية من الترشيح جاء على خلفية ظهور الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان بحق المتظاهرين السلميين، وخشية من النظام السوري من أن يؤدي تصاعد وتيرة القمع إلى اتخاذ إجراء مشابه لما تم اتخاذه بحق ليبيا في 1 مارس بتعليق عضويتها في مجلس حقوق الإنسان بعد 9 أشهر فقط من انتخابها للمجلس.

ولعل طريقة انتخاب أعضاء المجلس البالغ عددهم 47 دولة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة مازالت تعاني إشكالية كبيرة تجعلها في الكثير من الأحيان أقرب إلى التعيين منها إلى الانتخاب. فالأربعة والسبعون مقعداً موزعة على المجموعات الجغرافية بنسب معينة، فللمجموعة الآسيوية مثلاً أربعة مقاعد وهي مصرّة كمجموعة على التقدم بأربع دول بالاختيار بينها، وبالتالي لم يكن هناك اعتراضات دولية تُذكَر على ترشح سورية حتى مع بلوغ عدد القتلى من المدنيين إلى قرابة الألف قتيل، لولا تحرك قوي من منظمات دولية غير حكومية، وخشية النظام السوري أن يؤدي دخوله إلى مجلس حقوق الإنسان إلى انتكاسة دبلوماسية ربما بطرد سورية من المجلس لاحقاً. وبالتالي انسحبت سورية في11 مايو وحلت محلها الكويت عن المجموعة الآسيوية، حيث تم انتخابها مع الهند وأندونيسيا والفلبين في 20 مايو في الجمعية العامة، كذلك قامت المجموعة الإفريقية على سبيل المثال بترشيح أربع دول لمقاعدها الأربعة المقررة وهي بنين وبتسوانا وبوركينا فاسو والكونغو، وتم انتخابها أو تعيينها لا فرق، مما يعني أن هناك خللاً كبيراً في نظام الانتخاب. وعبثاً حاولنا كخبراء مستقلين أثناء صياغة نظام المجلس الأساسي في جنيف سنة 2006 فتح المجال لتنافسية أكبر، إلا أن الحكومات عموماً بما فيها الغربية أصرّت على الإبقاء على نظامها الانتخابي، وإن كنا قد نجحنا في شيء فكان في تضمين جودة سجل حقوق الإنسان للدولة لكي تترشح، وهو أمر للأسف، مازال حبراً على ورق، وقد تفتح ملابسات ما حدث مع ليبيا وسورية الباب لتحسن في الإجراء والممارسة.

إذن، فإن القول بأن انتخاب الكويت لمجلس حقوق الإنسان إنما جاء بسبب أن سجلها ناصع بحقوق الإنسان، هو قول لا علاقة له بالواقع. فأمام الكويت شوط طويل لتنفيذ التوصيات التي التزمت بها أمام المجلس وأثناء المراجعة الدورية الشاملة في جزأيها في مايو وسبتمبر الماضيين، وعلى رأسها قضية البدون، وحل إشكاليات العمالة المنزلية والوافدة، وإنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، وإصدار جملة قوانين كمكافحة الاتجار بالبشر، وغيرها، وهي كلها إجراءات قابلة للتنفيذ ولا داعي للتلكؤ في تنفيذها. إلا أن المؤسف هو أننا نشهد تراجعاً في مجال الحريات سواء من الحكومة بتعرضها وتقييدها للحريات والحق في التجمع، أو من بعض النواب في تسابقهم بالتصريح لإصدار قوانين تصل عقوبتها إلى الإعدام، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة