تثير حزمة الاستجوابات المزمع تقديمها من كتل وأفراد في مجلس الأمة العديد من التساؤلات أكثر من الإجابات.

Ad

فسواء أكان استجواب «التكتل الشعبي» لسمو رئيس الوزراء أو التكتل الوطني لنائب رئيس الوزراء الشيخ أحمد الفهد أو ما أعلنه النائب يوسف الزلزلة تجاه وزير الصحة د. هلال الساير، أو ما صرح به النائب علي الراشد ضد وزير الإعلام والنفط الشيخ أحمد العبدالله، فهي تطرح تنوعاً يجعل منها ظاهرة تستحق التأمل والترقب، وهي بالتأكيد تتجاوز مضامين تلك الاستجوابات مما يجعل منها ظاهرة سياسية مختلفة عن سابقاتها، بما فيها الاستجواب الأخير لسمو الرئيس، الذي كاد ينجح في إحراز طلب عدم التعاون.

فمن حيث حساب الأرقام فإن إمكان الحصول على أرقام كافية لحجب الثقة أو عدم التعاون بات واقعياً بإعلان غالبية الكتل البرلمانية تأييدها صراحة أو ضمناً للاستجوابات، خاصة أن كتلتين رئيسيتين وهما التكتل الشعبي والتكتل الوطني المرجحة هما ضمن مقدمي تلك الاستجوابات، بل إن ما زاد الطين بلة أن نواباً محسوبين على الحكومة قد انضموا هذه المرة إلى المستجوبين، وهو ما يطرح تساؤلات جديدة حول طبيعة التحرك، وإن كانت هناك رسائل موجهة أكثر من كونها استجوابات عادية، كما أن ظروف الاستجوابات تأتي في إطار تغيرات عارمة هبت على المنطقة برمتها كانت عناوينها الرئيسية ومطالبها الأساسية إصلاحات سياسية، وبالتالي لم يعد مطروحاً بأي شكل من الأشكال خيارات التراجع عن الديمقراطية، بل إن تلك التغيرات قد رسخت مناعة النظام الدستوري الكويتي وكفاءته، الذي طالما كان يتعرض للضغوط والتشويه من أقراننا في محيطنا الخليجي والعربي، وبالتالي فإن إجراء إصلاحات أساسية أصبح خياراً مفتوحاً، ليثبت بالدليل القاطع أن الشيخ عبدالله السالم وآباء الدستور كان لديهم بعد نظر.

ولا يبدو أن التعامل مع حزمة الاستجوابات المعلنة بذات الطريقة التي كان يتم التعامل بها مع استجوابات سابقة عن طريق حساب الأرقام بات ممكناً، فالقراءة لمجريات الأمور تتطلب فهماً وإدراكاً أكثر عمقاً لتداعيات الحراك البرلماني، واستيعاب ما يجري وتحليله بعقل مفتوح فلم يعد مؤكداً أن رحيل سمو رئيس الوزراء فقط يمثل حلاً، أو أن الإتيان بحكومة جديدة هو الحل، أو أننا في حاجة إلى مبادرة شاملة لفتح حوار وطني مؤطر لتحديد المخارج من حالة الاحتقان التي تمر بها البلاد، أم أننا أمام مفترق طرق تاريخي قد يتطلب جملة إصلاحات شاملة تكون مدخلاً للارتقاء بالأداء السياسي المترهل الذي هيمن على البلاد منذ زمن.

لقد أثبت النظام السياسي الكويتي عبر تاريخه حكماً ونخباً سياسية وشعباً مرونة عالية في التعامل مع الأزمات الحادة، والخروج منها بمزيد من المكاسب الشعبية وترسيخ للحريات العامة، وقد آن الأوان للتوافق على الخروج من الأزمة إلى آفاق سياسية أرحب، فمن يعلق الجرس؟