نحن الكويتيين في حالة تحفز مستمرة تجاه إيران وتصرفاتها ومتعلقاتها، بدءا من أعقدها وأصعبها بطبيعة الحال، كموضوع ملفها النووي، إلى أبسطها وأتفهها، مثل اسم الخليج، وهل هو عربي أم فارسي؟ وكأنه لو صار هذا أو ذاك سيتغير ما في كتب التاريخ وسيعاد رسم الخرائط الدولية!

Ad

دول الخليج كلها، ربما باستثناءات بسيطة، في حالة من التوتر والتوجس الدائم من إيران، وهذا الأمر واضح ومكشوف، بالرغم من كل «المكياج» الذي «تزوّق» به التصريحات الرسمية، وتلك الدبلوماسية الشديدة عند الحديث عن شكل العلاقات مع هذه الدولة الضخمة الحجم، المخيفة التحركات، المريبة النوايا، والمسببة للقلق الدولي، بشكل لا يكاد يتوقف!

وتتضح حالة التوتر هذه ما بين دول الخليج وإيران أكثر ما تتضح من خلال ما يبدر من شعوب هذه الدول العربية تجاه إيران، وبالأخص عند مرور ذكر إيران في أحاديثهم اليومية، ولنأخذ الشعب الكويتي مثالاً على هذا. نحن الكويتيين في حالة تحفز مستمرة تجاه إيران وتصرفاتها ومتعلقاتها، من أعقدها وأصعبها بطبيعة الحال، كموضوع ملفها النووي، إلى أبسطها وأتفهها، مثل اسم الخليج، وهل هو عربي أم فارسي؟ وكأنه لو صار هذا أو ذاك سيتغير ما في كتب التاريخ وسيعاد رسم الخرائط الدولية!

لكن، وبالطبع فإن لهذا التحفز والقلق أسبابهما المتشابكة، التي لا يجوز الاستهانة بها، والتي يأتي على رأسها، ولا شك، الاختلاف المذهبي الضارب بعمقه التاريخي / العقائدي، والمستعصي على الحل.

استوقف هذا الأمر مسار تفكيري وأنا أقرأ أحد أعداد مجلة «شيراز»، التي تعتني بنشر الأدب الإيراني إلى العربية، فأخذت أتساءل قائلاً، ما دمنا ننظر بكل هذا التحفز والقلق إلى إيران، بل ينظر بعضنا إليها باعتبارها عدواً، أو عدواً محتملاً على أقل تقدير، فما الذي فعلناه إذن للتعرف على هذا العدو، واستكشاف ما يجري في عروقه، وينبض في داخله، اجتماعياً وفكرياً وسياسياً؟!

وحين أطرح هذا التساؤل، فلا يهمني كثيراً ما يحصل في هذا الصدد على الصعيد الرسمي، لأني لا أثق كثيرا بهذه القنوات «المزوَّقة» كما ذكرت، بالإضافة إلى أني لم أشاهد خلال السنوات الماضية أي انعكاس حقيقي ذي قيمة لعملها على أرض الواقع حتى أغير نظرتي تجاهها، ولكن ما أتحدث عنه هو التحرك غير الرسمي، سواء من النخب الثقافية والفكرية، أو من المجموعات الشعبية على اختلافها، أو من القنوات والوسائط الإعلامية الحرة المستقلة، وذلك لاستكشاف ذلك النسيج الإيراني العريض الممتد وسبر أغواره، والتعرف على ما تضمره خيوطه تجاهنا نحن القاطنين في الضفة المقابلة من خليجه «الفارسي»، خليجنا «العربي»، هذا الخليج الصغير الفاصل بيننا!

إن وضع كل إيران، حكومة وسياسة، وفكراً وثقافةً وشعباً، في سلة واحدة، والحكم على هذا جميعاً، بضربة مطرقة واحدة، تهوي بها ذراع لم تستند إلا إلى أفكار مسبقة ومعلومات متناثرة خالية في غالبها من المنهج العلمي الموضوعي، وهي التي تلوثت عبر الزمن بكثير من العاطفة المحتقنة، لهو محض غباء ولا شك.

إننا مدينون لأنفسنا، قبل الآخرين، بأن نتعامل مع هذا الأمر بما يستحقه من موضوعية وحكمة، إن لم يكن بهدف الالتقاء مع إيران، بكل مكوناتها، أو بعضها على الأقل، على أرضية مشتركة، لفائدة الضفتين ونحن نقبل على هذا المستقبل المتلاطم الأمواج، فعلى الأقل حتى نأمن على أنفسنا من شر هذا العدو الذي يتراءى للبعض منا، ليل نهار، على الضفة الأخرى من الخليج!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة