ترى جهات مسؤولة على علاقة بالمنظومة القضائية الدولية في لاهاي أن التهديدات التي يطلقها "حزب الله" ضد المحكمة الخاصة بلبنان ومؤيديها يمكن أن تورط الحزب في ملف أبعد من الملفات التي تقع ضمن اختصاص هذه المحكمة وأبرزها جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري ورفاقه والجرائم التي يمكن للتحقيق أن يكشف رابطاً معها.

Ad

ويشير هؤلاء الى أن ترجمة التهديدات التي يطلقها الحزب ضد المتعاونين مع المحكمة على أرض الواقع من خلال ضغوط أمنية وعمليات عسكرية أو شبه عسكرية يمكن أن تشهد ردا على محورين:

الأول، ألمح إليه رئيس المحكمة الخاصة بلبنان القاضي الإيطالي أنطونيو كاسيزي السبت الماضي عندما أعلن أنه سيرفع تقريرا بالتهديدات التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي يعود اليه إيجاد طريقة عرضها على مجلس الأمن. وهو ما يعني عمليا إمكان تحرك جديد للمجلس لفرض أمور سياسية واقتصادية وقضائية وربما عسكرية لتنفيذ القرار 1757 بما أنه متخذ تحت الفصل السابع الذي يجيز استخدام القوة للتنفيذ.

الثاني، يدور الحديث عنه بعيدا عن الأضواء وفي كواليس محكمة الجزاء الدولية في لاهاي، وهو يقوم على افتراض أن حزب الله قد يقدم على عملية عسكرية أو شبه عسكرية للرد على القرار الإتهامي المنتظر صدوره، بما يؤدي الى سقوط ضحايا ووقوع خسائر مادية في الممتلكات، والى إيذاء مسؤولين سياسيين وعسكريين وأمنيين وقضائيين رسميين، وإلى ما يشبه الحالة الإنقلابية. وفي هذه الحالة لا يسقط هؤلاء من حساباتهم إمكان لجوء مجلس الأمن الى إحالة هذه الممارسات باعتبارها جرائم حرب من اختصاص محكمة الجزاء الدولية الى المدعي العام في هذه المحكمة للنظر بها، مما يجعل حزب الله الذي يسعى للدفاع عن نفسه في مواجهة اتهامات محتملة لعناصره أمام المحكمة الخاصة بلبنان، متهما أو ملاحقا، أو معرضا للمساءلة أمام محكمة دولية جديدة هي محكمة الجزاء الدولية.

ويلفت هؤلاء إلى أنه وعلى الرغم من أن لبنان ليس عضوا في اتفاق روما الذي أسس محكمة الجزاء الدولية، فإنه يبقى لمجلس الأمن صلاحية الطلب من هذه المحكمة التحرك على أرض دولة غير منضوية في هذا الاتفاق.

أما في شأن ملاحقة إسرائيل على الجرائم التي ارتكبتها في لبنان، فتقول دوائر محكمة الجزاء الدولية لـ "الجريدة" إن مطالبة حزب الله يجب أن تقترن بخطوات عملية أبرزها:

1- دفع الحكومة اللبنانية الى مطالبة مجلس الأمن بوضع يده على هذا الملف وإحالته على محكمة الجزاء الدولية.

2- العمل من خلال وزرائه في الحكومة اللبنانية على انضمام لبنان الى اتفاق روما في حال تبين أن مجلس الأمن متعاطف مع إسرائيل من خلال الفيتو الأميركي المحتمل. وهو ما يجعل لبنان قادرا على طلب تحرك المحكمة من دون الحاجة الى مرجعية مجلس الأمن.

3- حسم الموقف من مبدأ اللجوء الى القضاء الدولي. فإذا كان موقف حزب الله مبدئيا في رفض اللجوء الى القضاء الدولي بسبب انحيازه، فإن المطالبة بملاحقة إسرائيل على جرائمها تصبح مطالبة دعائية من قبيل تسجيل الموقف. أما إذا كان موقف حزب الله يقر بالعدالة الدولية فحري به أن يبدأ بالاعتراف بالمحكمة الخاصة بلبنان والتعامل معها على هذا الأساس.