بعد نحو أربعة أيام فقط من القانون الذي أصدره و»جرَّم» فيه التجمهر والتظاهر والاعتصام على نحو يضر بالمصالح الخاصة والعامة أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية قانون الأحزاب الجديد، الذي يعتبر أهم ركائز التنمية السياسية في مصر وفي كل الدول العربية، وأهم بنوده:

أولاً: أن يكون للحزب اسم لا يماثل أو يشابه اسم حزب قائم.

Ad

ثانياً: عدم تعارض مبادئ الحزب أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع المبادئ الأساسية للدستور أو مقتضيات حماية الأمن القومي المصري أو الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الديمقراطي.

ثالثاً: عدم قيام الحزب في مبادئه أو برامجه أو في مباشرة نشاطه أو في اختيار قياداته وأعضائه على أساس ديني أو طبقي أو طائفي أو فئوي أو جغرافي أو بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة.

رابعاً: عدم انطواء وسائل الحزب على إقامة أي نوع من التشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية.

خامساً: عدم قيام الحزب كفرع لحزب أو تنظيم سياسي أجنبي.

سادساً: أن يكون عضو الحزب مصرياً فإذا كان متجنساً وجب أن يكون مضى على تجنيسه خمس سنوات على الأقل، ومع ذلك يشترط في من يشترك في تأسيس الحزب أو يتولى منصباً قيادياً فيه أن يكون من أب مصري، ويُقدَّمُ الإخطار بالتأسيس كتابة إلى لجنة الأحزاب المنصوص عليها في هذا القانون، مصحوباً بتواقيع خمسة آلاف عضو من أعضائه المؤسسين مصدقاً رسمياً على توقيعاتهم، وعلى أن يكونوا من عشر محافظات على الأقل بما لا يقل عن ثلاثمئة عضو من كل محافظة.

* * *

إن معظم الدول العربية فيها جدل صاخب حول الحالة الحزبية المطلوبة في ضوء كل هذه التطورات السياسية التي تعصف بالمنطقة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن مثل هذا الجدل يظهر بوضوح في كل من مصر والأردن، وذلك على اعتبار أن هناك حياة حزبية أولاً، ولأن جماعة الإخوان المسلمين في كلا البلدين تشكل جزءاً رئيسياً من هذه الحياة الحزبية.

في مصر هناك الآن احتدام شديد لتصارع الآراء ووجهات النظر حول كل هذه المسائل التي تضمنها القانون الآنف الذكر، ولقد تجلى هذا الصراع بأبعاده الحقيقية في التصويت على التعديلات الجديدة على الدستور القديم، إذ برز تياران متعارضان, تيار محافظ يمثل الإخوان المسلمين ومعهم بعض الاتجاهات من حزب الوفد ومن شريحة عريضة من المستقلين، وتيار «علماني» رأى أن عملية الترقيع لا تكفي، وأنه لابد من صياغة دستور جديد يتماشى مع الأوضاع السياسية والاجتماعية التي استجدت بعد الثورة الشبابية الأخيرة.

 أما في الأردن فإن المشكلة تتمثل في أن «الإخوان» يشكلون فرعاً للتنظيم العالمي الذي هو في حقيقة الأمر يتبع «إخوان مصر»، ورئيسه هو المرشد العام لهذه الجماعة، وكذلك فإن حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي هو وجه العملة الآخر لـ»الإخوان الأردنيين»، يحمل اسماً مماثلاً ومشابهاً لاسمهم، إضافة إلى ازدواجية العضوية بين التنظيمين اللذين هما تنظيم واحد في حقيقة الأمر.

ولهذا وحتى تستقيم الأمور ويبدأ الإصلاح المنشود من نقطة صحيحة, على غرار ما جرى في مصر, فإنه لابد من مراجعة وضعية كل الأشكال الحزبية القائمة سواء في الأردن أو في الدول العربية الأخرى المعنية، وذلك لتَحل قيم الدولة المدنية الحديثة والحداثية محل بعض القيم الحالية البالية التي لم تعد تلائم مستجدات هذه المرحلة.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة