أول العمود: الملياردير وارين بافيت وبيل غيتس مؤسس شركة "مايكروسوفت" للبرمجيات قررا مع 40 من أثرياء أميركا التبرع بنصف ثرواتهم للعمل الخيري ضمن حملة "تعهد العطاء"... هذا الفعل يحفزنا إلى سؤال مهم هو: ماذا يعني لنا المال في مجتمعاتنا العربية؟

Ad

***

خضت تجربة بناء بيت من دون مشاكل تذكر عام 1999، ليس من واقع خبرة، لكن بتوفيق من الله، وكنت دائماً أتساءل: كيف يسلمني بنك التسليف 70 ألف دينار وأنا لا أفقه في بناء البيوت شيئاً؟ وإلى مَن سأتجه لأخذ النصح؟ وكيف أعرف احتياجاتي وأوظفها على خريطة هندسية؟... أسئلة كثيرة لا تنتهي مازلت أسمعها من كثيرين يريدون خوض التجربة، وهي شاقة بحق إن لم تدرس بتأنٍّ ورويَّة، ونخص بالذكر هنا أصحاب الميزانية المحدودة للبناء.

في مشروع إنشاء البيت الخاص نتعامل مع أكثر من متخصص في البناء، قد يصل عددهم إلى 32 مقاولاً عدا المقاول الرئيسي. فكيف يتم اختيار هؤلاء وعلى أي أساس؟ وكيف أعرف أني "ماشي صح"، وهل ستكون لي القدرة على صيانة حجم البناء في حال تقاعدي عن العمل وقلة دخلي المادي؟ وكيف أوفق بين متطلباتي وقرض الإسكان مضافاً إليه بعض مدخراتي من حيث أن قيمة القرض لم تعد قادرة على الوفاء بمتطلبات سكن الإنسان الكويتي المتعارف عليها من ديوانية وسرداب وشقة للإيجار "ودار حق أمي وثانية حق جدي"؟!

مما يؤسف له أن هناك قصوراً في التوعية من قبل جهات عدة منها مؤسسة الرعاية السكنية وبنك التسليف وجمعية المهندسين الكويتية ووزارة الإعلام وجامعة الكويت في برامج خدمة المجتمع. فالمطلوب توفير خدمة الاستشارة السريعة والتعرف على البدائل المتاحة لاختيار مواد البناء وتكلفتها لكل مرحلة من مراحله، كما أنه من الضروري أن تتضمن الخدمات الاستشارية تقديم الرأي في الجوانب الاجتماعية التي تؤثر في بناء البيت كافتراض البعض تخصيص جزء من البيت لبعض الأبناء في حال زواجهم، أو بناء ديوانية للأصدقاء والأهل أو إنشاء سراديب تأكل من قيمة القرض ما لا يقل عن الثلث.

نقول ذلك بسبب قلة خبرة الشباب في مجال البناء، إضافة إلى انتشار الغش وعدم وجود مواصفات للمقاولين، وتدخل أكثر من طرف في إبداء الرأي ومنهم  -من دون منازع- أصدقاء الديوانية! والنتيجة انتشار ظاهرة بيع البيوت الحديثة البناء بسبب أخطاء قاتلة فيها، أو عدم تقدير السعة المطلوبة لساكنيها، وربط ذلك بالتخطيط الاجتماعي لحياة الأسرة.

في دول الغرب هناك قنوات تلفزيونية متخصصة في بناء البيوت وإدارتها وتعليم أدق الأمور في هذا المجال تطرح عليك الفكرة وبدائلها وأسعارها، وهو ما نفتقده في دولنا، وسيكون من المفيد لو أن جهة من الجهات التي ذكرناها تبنت مشروعاً إعلامياً واسترشادياً كهذا، فبناء البيت الخاص محطة رئيسية في حياة الإنسان لا تقل خطورة وأهمية عن مشروع الزواج.