لا يتفق الكثيرون مع غالبية الممارسات التي تتم في البرلمان منذ سنوات من بعض أعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولكن يتفق الجميع على أن الدستور والمؤسسات الدستورية هي خط أحمر لا يمكن أن تمسها المناورات السياسية لتعطلها أو تفرغها من مضمونها، ولنا عبرة في ما استخدمته بعض القوى السياسية في لبنان من أسلوب قفل المؤسسة الدستورية (البرلمان) في فترات سابقة، وأثره على الحياة السياسية هناك رغم العوامل المختلفة في الواقع اللبناني، ولكن تراكم السوابق واستخدام هذا النهج سيؤديان مستقبلاً إلى أن تستخدم جماعات سياسية وحدها أو بالتعاون مع الحكومة نفس الأسلوب لقفل مجلس الأمة أو تعطيل أعماله لفترات غير محددة.

Ad

طلب رفع الحصانة عن النائب د. فيصل المسلم في قضية شيكات بنك برقان، موضوع قالت اللجنة التشريعية والقانونية البرلمانية كلمتها فيه برفضه لتعارضه مع المادة (110) من الدستور، التي تحصن النائب بشأن ما يبديه من آراء، ولكن تبقى مرجعيات قضائية أخرى لها الحق في تفسير هذه المادة، ومن أهمها المحكمة الدستورية، الجهة الفصل في تفسير مواد الدستور، خاصة أن القضية تمس مستقبل موظف في البنك المعني بالقضية.

الخطير في القضية هو ما قد تشكله هذه السابقة من تحجيم لقدرة النائب على طرح آرائه والمعلومات المتوافرة لديه من وثائق ومستندات، وإن كانت هذه الامتيازات النيابية ليست مطلقة، ويجب أن تراعي الحقوق الدستورية للمواطنين من خصوصية لا يجب أن تفشى إلا بأمر قضائي، والأمر الخطير الآخر، كما أشرنا سابقاً، هو نهج تعطيل المؤسسات الدستورية، وبالتحديد مجلس الأمة عبر تغيب النصاب بالتواطؤ بين الحكومة وعدد من النواب، وهو أسلوب شائن لا يجب أن يكرس، فالتكتيك والمناورات السياسية ليست ممارسة بلا سقف وخالية من الاستحقاقات التي تترتب على مسؤولية قيادة البلد وواجبات إدارة الشأن العام، فلا يجوز أن يمارس تكتيك سياسي يهدم النظام الدستوري الذي يدير البلد وينظم شؤونه، لذلك فإن عملية إكمال الحكومة لنصاب جلسات مجلس الأمة واجب دستوري لا يجب أن تتخلف عنه، وفي نفس الوقت فإن محاولات التصعيد النيابية المفتوحة فيها الكثير من المبالغة، لأن هناك العديد من الخيارات القانونية بعد سقوط الحصانة عن النائب المسلم، ولدينا كذلك تمنٍ هو أن تتبنى كتلة الدستور من النواب في حملتها "إلا الدستور" كل الانتهاكات التي تنال من الحقوق والضمانات الدستورية بشأن حرية الأفراد والمعتقد، لأن الدستور وحدة واحدة لا تجوز تجزئته أو طرح قوانين تخالف نصوصه وتفرغه من محتواه!

***

حادثة الاعتداء على المرشح السابق محمد الجويهل تأتي في سياق ظاهرة العنف المتفشية أخيراً في المجتمع الكويتي، وهي الظاهرة الغريبة على بلدنا نتيجة متغيرات اجتماعية، وتراخي الأجهزة المختصة في التعامل مع تلك الظاهرة الخطيرة بالحزم المطلوب في تطبيق القوانين، فالاعتداء الجسدي هو فعل همجي ومدان إن وقع على أي مواطن سواء اتفقنا أو اختلفنا معه، لذا يجب أن تتعامل كل الأجهزة المعنية بالجدية المطلوبة مع جميع قضايا العنف والاعتداء، للقبض على الجناة وإحالتهم إلى السلطة القضائية، لينالوا جزاءهم حتى نحاصر هذه الظاهرة ونقضي عليها.