«إن كنتم تحاولون بناء المستقبل، فعليكم وضع أساس قوي يسنده ويجعله قوياً، إن قوانين الدولة الحالية تستعبد الشعب لمصلحة الملك، الملك الذي يطالب شعبه بالولاء له دون أن يقدم له شيئا في المقابل، لقد زحفت يا سيدي كمقاتل سنوات طويلة من فرنسا إلى القدس ثم عدت مرة أخرى، وعرفت تمام المعرفة أنه في زمن الطغيان والتجبر يكمن الفشل فقط، فالدولة القوية يا سيدي تبنى كما تبنى الكاتدرائيات بناءً متيناً من الأسفل إلى أعلى! حين تعطي كملك القوة للجميع ستكتسب وقتها أنت نفسك القوة، يا صاحب الجلالة... إن أردت تقديم العدالة لشعبك فقدمها على شكل ميثاق للحرية، اسمح لأي رجل أن يؤمّن الغذاء لبيته بالعمل الشريف، اجعله آمنًا من الإدانة دون سبب أو السجن دون تهمة، دعه يعمل ليعيش من عَرَق جبينه ويجني بقدر ما يستطيع دون أن يلتهم أحد ثمار جهده وتعبه، وحين تصنع ذلك ستكون ملكاً عظيماً ولن تحظى فقط بولاء شعبك، لكن بحبهم أيضًا، سيدي... إن رعاياك لا يريدون منك أن تقدم لكل منهم قصراً فمنزل كل رجل إنكليزي قصره، ما يطالبون به جلالتك هو الحرية، الحرية التي يضمنها القانون، مولاي... مازالت لديك الفرصة بأن توحّد رعاياك من جميع الطبقات تحت رايتك، الأمر يتوقف على اختيارك... فماذا ستختار؟!».

Ad

كانت هذه كلمات الجندي «روبيرت لوكسلي» التي وجهها إلى الملك الإنكليزي «جون» شقيق «ريتشارد قلب الأسد» الذي تولى الحكم بعد وفاته، وطغى في الأرض فساداً وظلماً حتى أصاب مملكته الوهن وتفرقت القلوب بين فئات شعبه حتى صار يقتل بعضهم بعضاً، فضعفت الدولة على الصعد كافة وطمع بها الأعداء الفرنسيون وأعدوا العدة للهجوم عليها واحتلالها.

جاء ذلك في مشهد من مشاهد فيلم «روبين هود» الذي لعب دور البطولة فيه النجم «راسل كرو» وقد تخيلت، وأنا أتابع ما قاله في ذلك المشهد، أنه لم يكن موجهاً إلى الملك «جون» إنما إلى الحكام العرب الذين فاقوا في سوء إدارتهم لبلدانهم والفساد الذي عشعش فيها على مدى عقود من حكمهم أي «جون» سابق مهما ساءت سيرته في كتب التاريخ!

والرسالة التي أراد الفيلم تقديمها هي أن «العدل هو أساس الملك»، وأن الحرية والديمقراطية ضمانتان لدوامه، أما الظلم والقمع والتنكيل فهي بداية النهاية لكل حكم مهما بدا قويا في الظاهر، فهل يستوعب الجالسون على العروش العربية «الجمهو- ملكية» هذا الأمر ويتصالحون مع شعوبهم قبل فوات الأوان؟!

***

بعد أن كثر الكذب والدجل والنفاق السياسي حولنا، وصار لرجال الدين سطوة على الناس لا يستطيعون معها مخالفة أوامرهم ونواهيهم أو انتقادهم بكلمة، صار لزاماً على الجميع أن يقرؤوا كتاب «سيكولوجية الجماهير» للفرنسي الشهير «غوستاف لوبون» ليعرفوا كيف يتلاعب رجال السياسة والدين بعقول الناس، وكيف يتحكمون بها ويسيرونها كما يشاؤون؟! في الكتاب شرح واف لعقلية الجماهير الجمعية، كيف تستفز وتغضب؟ وكيف تكون قناعاتها وتتنازل عنها في لحظات؟ ما الألاعيب والخدع النفسية التي يمارسها قادة الجماهير؟ وكيف يتبعونهم كالقطعان دون وعي أو شعور؟! اقرؤوه... وسوف تصابون بالصدمة من كم الخدع التي مورست عليكم في الآونة الأخيرة، هنا... في الكويت تحديداً!

***

تغريدة:

شيوخ متصارعون، تجار مبتزون، نواب متلونون ومذهبيون متناحرون، وزارات «عشعش» الخراب فيها من أسفلها إلى أعلاها، ثم يأتي من يختزل مشاكل البلد برحيل رئيس أو بقائه، المشكلة أكبر مما تتصورون، المشكلة ثقافية إدارية قانونية دستورية، نحتاج إلى نفضة شاملة على المستويات كافة، ثم بعد ذلك غيّروا من تغيرون وضعوا من تشاؤون، لا خوف... لأن الأساس سيكون حينها متيناً وعلى أسس سليمة!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة