بعد انهيار نظام طالبان، وسقوط صدام حسين، ونظراً للدور الإيراني الفاعل بقوة في الحدثين، وبعد استقواء حزب الله في لبنان وإقصائه للحريري؛ أقوى خصومه السياسيين، وإبعاده عن كرسي السلطة، وزيادة التحالف السوري الإيراني قوة وارتباطاً، ونظراً لتراجع التهديد الأميركي للمفاعل الإيراني، وتشاغل أوروبا عن القمع السلطوي في إيران للمعارضة، ظن القادة الإيرانيون أنهم أصبحوا اللاعب الرئيسي والأقوى في المنطقة العربية، وأنهم الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه، وأنهم يستطيعون التحرك نحو تحقيق أهدافهم البعيدة، خاصة مع فوران الشارع العربي وانشغال مصر؛ القوة العربية الكبرى بنفسها، ودخولها في مخاض قد يطول، فبدأوا بالتحرك السريع، وأعطوا إشاراتهم لخلاياهم النائمة في الكويت والسعودية والبحرين للتحرك نحو تحقيق أهدافهم المرسومة لهم مسبقاً التي كانوا قد تدربوا عليها، وبدأت آلتهم الإعلامية بشن حملات التشكيك في تلك الأنظمة، ونشر بذور الفرقة الطائفية، وشحن النفوس والتركيز على مظلومية الشيعة في تلك الدول، وفتح قنوات الاتصال مع عملائهم لنقل الصورة التي تساعدهم على تهويل الحال، وتشويه أنظمة الحكم العربية في تلك الدول، سعياً لكسب الرأي العالمي، وتحريض مؤسسات حقوق الإنسان والتمهيد لإيجاد مبرر للتدخل العسكري الإيراني، لكن مسعاهم بحمد الله قد خاب، ومخططهم قد فشل وبدأت الدائرة تدور عليهم وتضيق حول رقابهم، فمصر انتفضت فيها دماء العروبة من جديد، وأعلنت أن أمنها لا يمكن أن يفترق عن أمن دول الخليج العربي، فكان هذا التصريح الصفعة الأولى لإيران، أما الصفعة الثانية فكانت بالنجاح الذي حققته السياسة المصرية لجمع قادة حماس بقادة فتح، وتوقيع الاتفاق بينهما فقطعت الطريق على إيران التي كانت تلعب على حبل سياسة التفريق بين الفصائل الفلسطينية، ثم كان التحرك السعودي الشجاع بإرسال قواتها مع أخواتها في دول الخليج إلى البحرين ليوجهوا رسالة صريحة وسريعة إلى إيران بأن أمن الدول الخليجية واحد لا يتجزأ، فانطفأت الفتنة وفشل المخطط، ولم تجد إيران دولة واحدة في العالم تؤيدها أو تساند عملاءها، ثم كانت الطامة الكبرى بانتفاض الشعب السوري واستمرار ثورته التي زادت إيران ارتباكاً على ارتباكها، فظهرت الانشقاقات، وبدأ التجهيز للثورة في إيران لينقلب السحر على الساحر.
Ad