ستة باكو إلا ربع


نشر في 04-05-2011
آخر تحديث 04-05-2011 | 00:01
 أحمد عيسى بعكس ما يبدو ظاهراً للعلن، أكاد أجزم أن الإعلان عن الحكومة الجديدة المتوقع هذه الأيام لن يرى النور قبل منتصف الأسبوع المقبل إن لم يكن نهايته، وأن نسبة التغيير لن ترقى إلى المستوى المأمول، وأن الثابت الوحيد فيها بقاء الوزراء الشيوخ، وأنها ستعمل على تفادي ما يعترض طريقها حتى تصل بأقل الأضرار إلى عطلة الصيف.

الوزراء الشيوخ هم عقدة كل تشكيل، فوجودهم هو الأكيد مهما تغيرت الأسماء وتعددت الحقائب، وبسببهم تحدث الأزمات ومن خلالهم يتم اختراق النواب والبرلمان، كل فريق بحسب مناصريه ومناوئيه.

المشكلة تبدأ بآلية اختيار أبناء الأسرة الحاكمة للمشاركة في الحكومة، وعادة ما يكون ذلك مرتبطاً بالتوازنات وثقل الأفرع التي يمثلها كل شيخ، لتبدأ بعدها حسبة العمر والنفوذ لتوزيع المناصب بعيداً عن الاختصاص والخبرة، وكان في أغلب الحالات أن رأينا حامل المؤهل السياسي يتولى وزارة ذات نشاط اقتصادي، والمختص بالاقتصاد يحمل حقيبة طابعها سياسي، والضليع في عالم المال والأعمال يتولى مسؤولية مؤسسات ذات علاقة بالثقافة وهكذا.

أما حسبة السن فتكفي الإشارة إلى حادثتين خلال الحكومة الأخيرة: الأولى تمثلت في إسناد حقيبتي الإعلام والنفط للشيخ أحمد العبدالله مقابل تسمية الشيخ أحمد الفهد نائبا لرئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية للترضية، بحكم أن الفهد أصغر سنا من العبدالله، والثانية ابتعاد نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد الصباح عن رئاسة مجلس الخدمة المدنية لمصلحة نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد الحمود، لأن تشكيل مجلس الخدمة المدنية ارتبط بالتشكيل الحكومي الذي وضع الشيخ جابر الخالد نائبا للصباح بمجلس الخدمة المدنية بحكم المنصب، قبل تعيين الحمود وزيرا للداخلية بدلا عنه في فبراير الماضي، ولهذا كان مقبولا وقتها أن يرأس الشيخ محمد الصباح مجلس الخدمة المدنية ونائبه الشيخ جابر الخالد بينما احتاج الأمر إلى تعديل بعد تغير وزير الداخلية.

اليوم يتسرب أن عقدة التشكيل الحكومي مرتبطة بحجم التغيير وآلية الاختيار، بينما العقدة الأساسية هي الوزراء الشيوخ، إذ قُدمت بحق الشيوخ محمد الصباح وأحمد العبدالله وأحمد الفهد استجوابات أُودعت لدى الأمانة العامة لمجلس الأمة، ولهذا ترتبط عودتهم إلى نفس مناصبهم بضرورة مواجهتهم للاستجوابات متى ما قُدمت بحقهم، وهو الثابت حتى الآن في حالة الشيخ أحمد الفهد مع النائبين عادل الصرعاوي ومرزوق الغانم، بينما لايزال الغموض يكتنف مصير استجوابي الشيخ محمد الصباح وأحمد العبدالله، والمقدمين من صالح عاشور وفيصل الدويسان.

كما أن الأنباء المسربة حول تغيير آلية الاختيار وطبيعة الأسماء المرشحة لشغل الحقائب الوزارية وما يتبعه من التزام الحكومة المقبلة العمل وفقا للدستور والقوانين والتعاون مع مجلس الأمة، وأنها ستكون مختلفة عن سابقاتها، مجرد كلام مرسل، وتشتيت انتباه، وشراء وقت يراد به التغطية على العقدة الرئيسة التي تعترض التشكيل وهي الوزراء الشيوخ.

فعودة الوزراء الشيوخ إلى الحكومة بنفس حقائبهم السابقة يعني اعتلاءهم منصة الاستجواب، أما عودتهم بحقائب مختلفة فيستلزم نفس الموقف الذي اتخذه المجلس بحق وزير المالية السابق بدر الحميضي حينما قدم النائب ضيف الله بورمية استجوابا بحقه، فقدم الوزير استقالته وعاد وزيرا للنفط، مما استلزم من المجلس الوقوف بحق التدوير باعتباره التفافا على الاستجواب والدستور في نهاية أكتوبر 2007، وتحدث يومها معارضا لهذا التصرف 13 نائبا هم: ضيف الله بورمية، ومسلم البراك، ووليد الطبطبائي، وصالح عاشور، وأحمد السعدون، وعادل الصرعاوي، وجمعان الحربش، وفيصل المسلم، وعلي الدقباسي، وحسين الحريتي، وعدنان عبدالصمد، ومحمد المطير، بالإضافة إلى أحمد المليفي، مما اضطر الوزير الحميضي لأن «يستقيل».

وفي ظل هذه الأجواء من المتوقع أن تناوش كتلتا «العمل الوطني» و»الشعبي» بعضهما بمن تقدم استجوابها قبل الأخرى بعد تشكيل الحكومة، وهو ما حدث الشهر الماضي حينما اختلفت الكتلتان على من تقدم استجوابها قبل الأخرى وبحق من، ومن منهما سيحمي ظهر من، كما ستلقي تداعيات استجواب الفهد بظلالها على استجواب الرئيس والعكس، وسندور في حلقة مفرغة من التخوين بين الرفاق والتصعيد والتأزيم؛ حتى يحين موعد رحيل المجلس والدعوة لانتخابات مبكرة، تعود بموجبها معظم الوجوه، وتبقى الحال على ما هي عليه، وتبدأ الحكومة المقبلة تشكيلها بعقدة الوزراء الشيوخ.

على الهامش:

الحكومة الأخيرة عطلت البرلمان ثلث سنة، والبرلمان سيعطل أعماله خلال الصيف ثلث سنة أخرى، وما سيتبقى من جلسات سيكون عرضة لفقدان النصاب والرفع، ومع ذلك وافقت اللجنة التشريعية أمس على مقترح برفع راتب عضو مجلس الأمة الشهري من 2300 إلى 5750 دينارا كويتيا وبزيادة 150% فقط لا غير، وعليه سيتقاضى كل نائب نهاية كل شهر اعتبارا من الفصل التشريعي المقبل «ستة باكو إلا ربع»... اللهم لا حسد.

back to top