هذه الأيام فرصة لا تعوّض للمطرب الفاشل، للوقوف على خشبة المسرح أمام أي جمهور مهما كبر حجمه، فقد اختفت الطماطم من الأسواق، لذا فهو في مأمن ما لم يستبدل الناس الطماطم بالأحذية.

Ad

واختفاء الطماطم بلاء من رب العالمين، تماماً مثل "سيول جدة" التي أرسلها الله عقاباً للشعب الجداوي "كي ينتبهوا ويرعووا ويعودوا إلى المنهج الرباني القويم"، بحسب أحد مشايخ التبرير. على اعتبار أن جدة على وشك أن تصبح "شارع بيغال"، الشارع الفرنسي الأشهر عالمياً في خدمات الدعارة. ومن يخالف قول شيخ التبرير فهو ضال مضل تغريبي داعر. طيب وماذا عن القاضي، رجل الدين، الذي تلقى رشاوى بمئات الملايين من الريالات ليسمح بالتلاعب في الأراضي والخدمات؟ هذا ملبوس من جني فاسد، نسأل الله السلامة.

وفي إيران، تضرر البسطاء الأميون، في قراهم النائية الملقاة في كوع الخريطة، من سوء الخدمات، فلا شوارع، ولا عيادة طبية تنقذهم من جزاري الطب الشعبي، ولا أمن يحمي غنيماتهم من السرقات التي لا تنقطع، ولا ولا ولا، فاشتكوا، فأرسلت إليهم السلطة معمماً يفهم عقليات القرويين الأميين البسطاء ونفسياتهم، فخطب: "أنتم تعلمون أننا الدولة الوحيدة في العالم التي تطبق تعاليم آل البيت عليهم السلام (لاحظ، ابتدأ بالتخدير قبل إجراء العملية)، وكلما قرر الرئيس تخصيص ميزانية لخدمات قريتكم والقرى المجاورة، جاءته في المنام رؤيا ربانية: إني أختبر صبر عبادي من شيعة آل البيت، وإني أعددت لأهل هذه القرية نعيماً ليس كمثله نعيم، وإني أخشى أن تُضلهم مطامع الدنيا عن نعيم الآخرة، فإن كانوا يحبون آل البيت فليصبروا صبراً جميلاً"، فتعالت صيحات كبار السن المساكين واختلطت مع نشيجهم البريء الساذج: "صلوات على محمد وآل محمد" وراحوا يمسحون دموعهم ويستغفرون ربهم من وساوس الشيطان التي كادت تحرمهم نعيم الآخرة.

هذا ما نقله أحد شباب هذه القرى المتعلمين، المقيم في طهران، في مدونته التي ختمها متسائلاً: "لماذا تحرص حكومتنا على رصف شوارع الضاحية الجنوبية في لبنان، لمَ لمْ يصبر أنصار آل البيت هناك ليعوضهم الله الجنة مثلنا؟ وماذا عن حماس التي استنزفت جزءاً من ميزانيتنا، وهي ليست من أنصار آل البيت؟ وماذا عن ملياراتنا التي تنثرها حكومتنا هنا وهناك في أرجاء الأرض؟ وهل استبدل كبار الملالي الجنة بالمستشفيات والطرق والمشاريع الضخمة؟ يبدو أننا الوحيدون الذين سندخل الجنة. ستكون موحشة"... هذا الشاب تم اعتقاله واختفى عن أنظار أهله الذين أهملوه وتركوا أمه وحيدة تبكيه، بعد أن "أغضب آل البيت".

وقبل أربعة أيام، نشرت جريدة جنوب إفريقية اسمها "ميل اند غارديان" خبراً مرعباً: "نسبة النساء اللواتي تم ختانهن في مصر تجاوزت التسعين في المئة". وفي الصعيد الجواني، في سبعينيات القرن الماضي، تحدث أحد الشبان المثقفين عن أن ختان النساء لا يجوز (طبعاً الهدف من ختان المرأة هو حرمانها من الرغبة الجنسية على اعتبار أنها خُلقت لمتعة الرجل، أما هي فلا متعة لها)، ووصف الشاب الختان بأنه ظلم وتخلف، فثار عليه الناس واتهموه أنه يأكل لحم الخنزير الذي قتل الغيرة فيه، وصرخوا في وجهه: "يا ديوث، يا منحل، أتقبل أن تخرج أختك أو بنتك او زوجتك إلى السوق بشهوتها؟"، فانسحب يتلمس رقبته لا يرجو إلا السلامة.

وسابقاً في السودان، كان كل من يعارض النظام، يتم بث الشائعات عنه بأنه يتبع اليهود والنصارى ويعارض ختان النساء، فيتكفل به أهل قريته. وقيل إن بيت أحد معارضي الختان، تعرض لاقتحام من مجموعة من "الصيّع" بحثاً عن النساء فيه، على اعتبار أن رب البيت لا غيرة عنده، فنساؤه غير مختونات، لذا فهن يتحرقن شوقاً لأي رجل عابر.

ولو كنت أنا مسؤولاً كبيراً في الدولة، أي دولة عربية، لما احتجتُ إلا إلى "رجال دين" يصرفون عني عيون الناس، ويختنون عقولهم، فأتفرغ للهبش والهبر والاستحواذ. جزاهم الله خيراً.