غاضبون من ماذا أيها السادة؟!

نشر في 31-05-2011
آخر تحديث 31-05-2011 | 00:00
 حمد نايف العنزي لست من أنصار الشيخ ناصر المحمد ولم أدافع يوما عنه، ويعرف كل متابع لمقالاتي أنني لم أكتب مرة عبارة تزلف أو نفاق في حقه أو في حق حكوماته، فقد كانت إنجازات عهده دون مستوى الطموح ومخيبة للآمال على الصعد كافة، لذلك، تحملوني اليوم، فما سأقوله اليوم بعيد كل البعد عن الدفاع عنه، رغم أنه يصب في مصلحته وضد معارضيه!

شاهدت، أيها السادة، مذهولا، صور بعض «الغاضبين» في ما أسموه بجمعة الغضب وهم يحرقون صورة رئيس الوزراء، فعلوا ذلك وهم محاطون بعدد من «جهابذة» المجلس ممن أدمنوا الوجود في الشوارع أكثر من وجودهم تحت قبة البرلمان، يستمتعون بإلقاء الخطب الحماسية على جموع الشباب كي يطربوا آذانهم بسماع الهتافات المؤيدة بعيدا عن عملهم الحقيقي المتمثل بصياغة القوانين لما فيه مصلحة الشعب، أقول ذهلت من غضب الغاضبين في تلك الجمعة المباركة، وتساءلت عن سبب ذلك الغضب ومصدره، أهو تقليد أعمى لما جرى في الدول العربية، إذ للغضب استحقاقاته وأسبابه الفعلية؟! أم أن بعضهم «عايش الدور» وصدّق أنه يعيش في معاناة وشقاء يستحقان الغضب والثورة لأجلهما؟!

نحن نعيش اليوم في فوضى اختلط بها الحابل بالنابل، فصرنا نرى سياسيين بلغوا من الكبر عتيا يقفون جنبا إلى جنب مع شباب صغار بعضهم لم يكتشف عالم السياسة إلا من شهور عبر «تويتر» يقول الكبار قولهم، ويصرخون معهم مطالبين بإلاصلاح في الوقت الذي يتناسون فيه أن معظمهم مطالب بإصلاح نفسه قبل إصلاح الدولة، وكثيرا منهم يجلس في بيته منعما ليتسلم آخر الشهر راتبا لا يقل عن السبعمئة دينار بأسوأ الأحوال دون جهد يذكر!

نعم، لدينا حكومة بلا إنجازات، ومحاولاتها لتقليص صلاحيات مجلس الأمة وجعله «زينة» واضحة وضوح الشمس، وتستحق الوقوف عندها ومقاومتها، لكن، بالوسائل التي كفلها الدستور للنواب تحت قبة البرلمان لا في الشارع بين المراهقين وبعض الباحثين عن مكان لهم في دائرة الضوء!

خذوها مني، لا يلجأ إلى الشارع إلا إن ضاعت حيلته وضعفت قدرته، فالسياسي الحقيقي يعرف كيف يحقق انتصاره دون اللجوء إلى وسائل التكسب السياسي والظهور بمظهر البطل دون نجاح فعلي، فللديمقراطية آليات محددة ومعروفة، يختار الناخبون نوابهم في البرلمان ليمثلوا آراءهم ورغباتهم هناك، فإذا ما حدث انحراف من جانب الحكومة فمن حق النواب طرح الثقة بها داخل البرلمان، فإن نالت الحكومة ثقة الأغلبية، فاللوم يقع على هؤلاء النواب و»الغضب» على من انتخبهم، لأن الناخبين- عبر ممثليهم في المجلس- قادرون على إصلاح وتغيير أي حكومة إن انتخبوا من يعبر عنهم بشكل صحيح، فإن أساؤوا الاختيار (كما يحدث كل مرة) فلا يلومون إلا أنفسهم، ولا «يغضبون» إلا عليها!

أتمنى ألا نرى مزيدا من «جمع الغضب» و «الرحيل» وغيرها، فهي لن تؤدي إلا إلى مزيد من التأزيم والفوضى، وأن يقبل بعض النواب نتائج التصويت وإن جاء بخلاف هواهم، أو أن يتقدموا باستقالاتهم لتبرئة ذمتهم، أما الإخوة الغاضبون بلا سبب فنتمنى أن يحمدوا الله على النعمة، ويحسنوا اختيار نوابهم في المستقبل، وأن يتوقفوا عن تقليد الشعوب الأخرى، فلو كان لدى تلك الشعوب «عُشر» ما لديهم من خير وحرية وأمان لصنعوا تماثيل لرؤساء حكوماتهم في كل زاوية من زوايا البيت!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top