في الـ28 مارس الماضي ذهبت الى انتخابات رابطة الأدباء الكويتية للمرة الأولى لأنتخب أعضاء جددا لدورة جديدة، ولأمنح صوتي لمن أراه مناسبا للفترة المقبلة.
تأتي مشاركتي هذه متأخرة جدا عن زمنها الذي كان يجب أن تأتي فيه، وما زلت أتذكر خطواتي الأولى في مبنى الرابطة حين بدأت أتردد عليها لأحضر بعض ندواتها التي كانت في ذاك الوقت مهمة بالنسبة إلي، وربما كانت الرابطة حينذاك تعيش في أوج حضورها وألقها، وكانت الندوات تقام لرموز من كبار المثقفين والأدباء والشعراء، سواء كانوا على المستوى العربي أو العالمي.وأتذكر أنني تعرفت إلى الشاعر العظيم رسول حمزتوف من خلال زيارته للرابطة، ففي ذاك الزمن الذي بدأت أتردد فيه على مقر الرابطة في عام 1985، كنت وقتذاك في حالة نهم واستكشاف معرفي لكل المجالات الثقافية والفنية والأدبية المنتشرة في الكويت، وكانت الرابطة حينها تمثل شعلة حيوية متدفقة في ندوات وأمسيات ومحاضرات مختلفة تشد المتعطش إليها.بقيت مواظبة على حضور الأمسيات كلما كان هناك حدث ثقافي يشدني إليه، إلى أن شعرت بتلك الحملة الهجومية التي قادها بعضهم ضدي، خاصة بعد نشر قصائدي في الجرائد اليومية، إضافة إلى اشتراكي في عمل مسرحي تم اختياره ليكون مشاركا في مهرجان بغداد المسرحي.هذا الهجوم أبعدني تماما عن الذهاب إلى الرابطة، وبدأت أشعر باغترابي عنهم، وأن المكان ليس مكاني، ولا يربطني فيه أي شيء طالما أنه لم يفرح بتجربتي ولم يحتضنها.وتزامن مع فترة ابتعادي تضاؤل دور الرابطة الريادي وابتعادها عن إذكاء شعلة الحركة الثقافية، فلم يعد هناك ندوات مهمة وحيوية ومثيرة كما كان في السابق، ولم تعد هناك أمسيات تُقام لأدباء وشعراء كبار يمكن أن نحضر لهم ونستمع ونتواصل معهم.أصبح صوت الرابطة خافتا وأداؤها باهتا لا يشد، ومعظم الندوات والأمسيات لا تتجاوز التكريم، أو بعض الاهتمامات في أنشطة تخص رعاية الشباب المبتدئين.الآن، وأنا أنتخب للمرة الأولى بعد ما تم تسجيلي فيها كخطوة جاءت من قبلهم، وبعدما غاب بعض الذين هاجموني، أجدني في داخل المقر بروح محبة عالية مع كل من فيها، مع أمل بأن هناك زمنا آخر سيأتي محملا بمودة وبتفاهم وبتقدير أكبر، حتى وإن اختلفت فيه التجارب الأدبية، فالاختلاف لا يُفسد الود والمحبة والاحترام.أتمنى أن يعود للرابطة ألقها ودورها الفعال الذي كان، وأن تصبح جاذبة لكل محب للأدب والثقافة والفن، وأن يقوم مجلس الإدارة الجديد بتفعيل دور الرابطة وإثراء نشاطها الثقافي بمستوى عال يجذب الجميع، فالرابطة ليست ديوانية يجتمع فيها الأعضاء للتسامر والحديث في الشؤون العامة والخاصة. دور الرابطة أكبر بكثير من ذالك، ليتها تعود إلى دورها الحقيقي، وأن تثبت وجودها وحضورها طوال الموسم الثقافي بأنشطة تشد الكل وليس فئة معينة، فلا مانع من التكريم، ومن إقامة الأمسيات الشعرية للمبتدئين، والاهتمام بتنمية الشباب ورعايتهم، فهذا دور أساسي للرابطة عليها أن تؤديه، لكن المهم أن يكون هناك اهتمام بكل الفئات المنتمية الى الرابطة بعضوية، أو بتلك التي تواظب على الحضور من دون أن يكونوا أعضاء فيها.يجب أن يكون هناك تنوع بالاهتمامات التي تخص كل فئة فلا تطغى الرعاية لجهة ما عن الأخرى، يجب أن يكون هناك توازن في توزيع الأنشطة الثقافية للرابطة حتى تكون جاذبة للجميع، وأن يعود لها دورها الريادي الذي هو أصلا من مهماتها الأساسية في نشر الوعي الثقافي الحداثي والمعاصر.ومن المهم أن تعود تلك الندوات والأمسيات التي يحييها كبار المثقفين والأدباء حتى يتم فيها التواصل وتعم الفائدة المرجوة منها، وأتمنى ألا يكون هناك دور لمقولة «الميزانية تحد من ذلك»، فأهمية هذه الندوات ودورها الفعال في تعزيز الوعي الثقافي يجعل منها ضرورة لا بد منها، كما يجب تخصيص جزء من الميزانية لها قبل كل المصاريف الأخرى، حتى وإن اقتطع من مصاريف الشاي والنثريات وغيرهما، لأن هذا التلاقح هو الدور الحقيقي والريادي الذي يقوم بنشر الوعي الثقافي في المجتمع، وهذا ما تعلمته، وما أثر بي خلال حضوري ندوات في أمكنة عالمية أدركت دورها الحقيقي في نشر الثقافة والتنوير.
توابل - ثقافات
مصالحة لزمن جديد
04-04-2011