في تصريحه الذي هدد فيه بمحو "الكيان الصهيوني" من الجغرافيا السياسية، إن هي قامت بأي عمل ضد بلاده اتهم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد "الغرب" بزرع الشقاق بين ضفتي الخليج، ويستدعي هذا الاتهام المزيد من التدقيق مع تأكيد أن هذا "الغرب" بقي يهدد الدول العربية المطلة على هذا الخليج من الجهة الغربية لإيران إنْ في زمن الشاه أو في زمن ما بعد انتصار الثورة الخمينية.

Ad

وبهذا فإن المفترض أن تلجأ إيران، ما دامت تعرف أن الغرب يزرع الشقاق بين ضفتي الخليج إلى ما يطمئن الدول العربية القريبة والبعيدة ويبعد عنها الشعور بالحذر الدائم من الجارة الإسلامية الشقيقة، والسعي في الكثير من الأحيان إلى الاستعانة بهذا الغرب لحماية أمنها الذي بقي مهدداً بخطر الشق الشرقي من هذا الخليج الذي من المفترض أنه يشكل صلة تعاون ومحبة والمثل يقول: "منْ لزَّك على المُرْ غير اللي أمر منه".

قد يكون شيئاً طبيعياً أن يلعب الغرب هذه اللعبة خصوصاً أن منْ مصلحته أن تبقى الشكوك المتبادلة هي التي  تحكم العلاقات العربية – الإيرانية، التي من المفترض أنها علاقات أخوية تستند إلى تاريخ طويل وإلى مصالح مشتركة، لكن ما هو غير طبيعي هو ألَّا تبادر إيران إلى وضع حد لهذه المخططات والسياسات الغربية التي هدفها "دقَّ عطر منشم" بين الجار وجيرانه وبين أبناء التاريخ الواحد والدين الواحد والحضارة المتداخلة والمشتركة.

 كان على الرئيس محمود أحمدي نجاد قبل أن يتهم الغرب بزرع الشقاق بين ضفتي الخليج أن يضع حداً لمسببات هذا الشقاق وأن يوقف تدخلات حراس ثورته وفيلق القدس في العراق وفي معظم الدول العربية القريبة المشاطئة لهذا الخليج والبعيدة فهذه التدخلات السافرة حقّاً والتي تتخذ طابعاً أمنياً خطيراً هي التي تضطر بعض هذه الدول، وبخاصة الخليجية منها، إلى الاحتماء بالولايات المتحدة وبالدول الغربية الأُخرى.

إنه على إيران أن توقف تدخلها السافر في دول الخليج العربي كي تصبح هناك إمكانية لإحباط محاولات زرع الشقاق بين ضفتي الخليج أما أن يبقى حراس الثورة يستهدفون الكويت والإمارات العربية المتحدة وأيضاً المملكة العربية السعودية وربما عُمان كذلك بخلاياهم النائمة ويستهدفون مملكة البحرين بمحاولات انقلابية متلاحقة فإنه أمر طبيعي أن تلجأ هذه الدول ليس إلى الغرب فقط وإنما أيضاً "إلى العفاريت السود" لتحمي نفسها من كل هذه التدخلات التي بقيت تتخذ الطابع الأمني إن في عهد الشاه أو في عهد هذه الثورة التي ورثت وظيفة شرطي المنطقة من النظام الشاهنشاهي الذي انقلبت عليه... ولذلك فإنه لا بد من مواجهة الرئيس نجاد بسؤال: من المسؤول؟!