إن المطلوب هو تغيير مدخلات العملية السياسية الديمقراطية وتطوير آلياتها وتحديث أساليبها وتجديدها بشكل علمي صحيح، إذ إن ذلك سيؤدي إلى مخرجات نوعية إيجابية ومختلفة عن النوعية السيئة من الأعضاء التي نشاهدها الآن والتي، مع كل أسف، أصبحت تمثل إساءة بالغة للديمقراطية ولمجلس الأمة كمؤسسة دستورية.

Ad

يلحظ المتابع الموضوعي لتطورنا الديمقراطي أن هناك محاولات مستمرة مخططاً لها لتشوية صورة مجلس الأمة كمؤسسة دستورية، وركن أساسي من أركان نظام الحكم الديمقراطي، وهي محاولات قديمة ومعروفة بدأت منذ بداية العهد الدستوري، واتخذت أشكالا عديدة يجمع بينها أن القائمين بها غير مقتنعين بدستور 1962، وبنظام الحكم الديمقراطي الذي تعتبر السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا.

لكن المؤسف هو أن هذه المحاولات الرامية إلى تشويه صورة مجلس الأمة كمؤسسة دستورية لا غنى عنها لأي نظام حكم ديمقراطي، قد بدأت تنطلي على بعض المواطنين الذين يصدقون الأخبار المجزأة وغير الأمينة التي تتناقلها بشكل غير مهني، ولأسباب معروفة، بعض وسائل الإعلام عن جلسات مجلس الأمة، ودوره وحقيقة العمل الذي يقوم به أعضاؤه بغية جعل المواطنين يبغضون مجلس الأمة كمؤسسة دستورية، ويكرهون الدور الذي يقوم به من أجل تسهيل عملية وأد تطورنا الديمقراطي.

صحيح أن هناك ممارسات سيئة لبعض أعضاء مجلس الأمة، بيد أن تركيز بعض وسائل الإعلام بشكل مبالغ فيه جدا على بعض الكلمات النابية المرفوضة التي تصدر أحيانا من بعض الأعضاء، أو على بعض التصرفات الرعناء والسلوكيات السيئة لعدد محدود جدا من الأعضاء لا يتعدى أصابع اليد الواحدة، وتصويرها على أنها هي جل عمل مجلس الأمة يعتبر تجنيا وعدم موضوعية، الهدف منه هو تشويه صورة مجلس الأمة كمؤسسة دستورية في أذهان بعض المواطنين الذين لا يعرفون كيفية التلاعب غير المهني في صياغة الخبر ولا يستطيعون تفسير ما وراءه من أهداف.

كما أنه صحيح أيضا أن أداء أعضاء مجلس الأمة قد تردى كثيرا في السنوات الأخيرة، وأصابه الكثير من العطب والفساد، بيد أن ذلك لا علاقة له البتة بضرورة وجود مجلس الأمة كمؤسسة دستورية وركن أساسي من أركان نظام الحكم الديمقراطي، إذ إن لهذا التردي في الأداء علاقة مباشرة بوضعنا السياسي العام المتخلف الذي لا تتوافر فيه أسس العمل السياسي المنظم والصحيح، وهو ما نتج عنه نوعية متخلفة جدا من الأعضاء لا تفقه شيئا في العمل السياسي أو العام، بل تشكل عبئا على الدولة والمجتمع على حد سواء، وتسيء بتصرفاتها الرعناء وألفاظها الجارحة وفسادها العلني إلى المؤسسة الدستورية، وهو الأمر الذي يتطلب إصلاحا شاملا وتغييرا جذريا لمدخلات المؤسسة التشريعية، وليس التخلص منها، لكي يصبح لدينا أعضاء يمثلون الأمة أفضل تمثيل.

بكلمات أخرى فإنه من غير المجدي التمني والترجي بأن يغير الأعضاء السيئون سلوكهم ويضبطوا تصرفاتهم ويتحكموا بألفاظهم، بل إن المطلوب هو تغيير مدخلات العملية السياسية الديمقراطية وتطوير آلياتها وتحديث أساليبها وتجديدها بشكل علمي صحيح، إذ إن ذلك سيؤدي إلى مخرجات نوعية إيجابية ومختلفة عن النوعية السيئة من الأعضاء التي نشاهدها الآن والتي، مع كل أسف، أصبحت تمثل إساءة بالغة للديمقراطية ولمجلس الأمة كمؤسسة دستورية.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة