النفيسي... هل يصيد الطير؟!

نشر في 29-10-2010
آخر تحديث 29-10-2010 | 00:01
 د. حسن عبدالله جوهر نبارك للزميل الدكتور عبدالرزاق النفيسي تولي إدارة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، وندعو له بالتوفيق والسداد في مهمته الشاقة ومسؤولياته الجسام، لأنه ورث تركة ثقيلة ومشاكل حقيقية أصابت هذه المؤسسة الأكاديمية والمهنية في مقتل، ولا يمكن حصر هموم الهيئة العامة للتعليم التطبيقي في هذه العجالة لأن "الشق عود" بما تحمله هذه الكلمة من معنى.

وخطورة الوضع في الهيئة تنبع من تراكم الأخطاء الفادحة التي بنيت عليها الكثير من المراكز القانونية والعلمية والإدارية والمهنية، وأصبحت مضرباً لأشكال الفساد، حيث يصعق عند سماعها من يحمل ذرة من العقل والمنطق، ويخشى الله ولو بطرفة عين، فالله العالم وحده كم من الناس قد ظلموا من أخذ فرصهم العادلة في المنافسة فقط على مقاعد البعثات، رغم كونهم خريجي أرقى الجامعات العالمية وبمعدلات تشرف سمعة الكويت العلمية، فاستبعدوا بعد تلاعب وتزوير في درجات التقييم ولجان المقابلات!!

والله وحده العالم كم ممن تولوا المراكز الإشرافية والقيادية قد قفزوا عليها وداسوا على رؤوس زملاء لهم يفوقونهم بُعد المشرقين في الخبرات العلمية والأقدمية والكفاءة الإدارية!! والله العالم وحده كيف تعد بعض الدراسات والأبحاث العلمية وبأموال الدولة وكيف تتم على أساسها عملية التقييم للترقية العلمية، ومن يستحق اللقب العلمي من الأساتذة عن جدارة سواء في الجهد المبذول أو التفكير العقلي الذاتي!!

والله العالم وحده كم من الأموال العامة قد صرفت دون وجه حق في جداول دراسية وهمية ومخصصات الفصول الصيفية، خصوصا في معاهد التدريب، وبعلم ودراية من بعض المسؤولين، وكيف وصلت الجرأة في البعض للتمادي وتكرار مثل هذه المخالفات رغم التنبيه عليها وإقرار المسؤولين ذاتهم بوجودها؟!

ونصيحة للأخ المدير العام الجديد أن يراجع الكم الهائل من الأسئلة البرلمانية التي وجهت إلى وزراء التعليم العالي المتعاقبين على مر السنوات الخمس الماضية، حيث تجاهلتها الإدارة السابقة أو أعدت إجابات بعضها بطرق ملتوية وإخفاء الحقائق الدامغة عنها ليكشف حجم المأساة في مؤسسته العلمية.

ونصيحة أخرى للدكتور النفيسي ألا تنطلي عليه خدعة أن الكثير من التجاوزات والأخطاء قد تمت في عهود سابقة، وأنه غير مسؤول عنها من الناحية الإدارية والقانونية، فهذا هو الفخ الذي يصطادون به أي قيادي جديد مبكراً لشل حركته، ومن ثم سحبه إلى مستنقع الركود، بل توريطه في متاهات قد يصعب عليه الخروج منها، ونتمنى على المدير العام الجديد ألا يبلع طعم "طارت الطيور بأرزاقها" لأن التحدي الأكبر أمامه هو أن يصطاد تلك الطيور السمان، ويعيدها إلى قفص القانون واللوائح والمعايير العلمية ومبادئ العدالة، فوجود بؤر الفساد التي امتدت كالأخطبوط واستمرارها بالتأكيد سوف يعملان على زيادة الجروح واستفحال المشاكل.

ويجب على المدير العام الجديد أن يضع أهم مؤشر لنجاحه ونجاح إدارته القادمة في مخرجات الهيئة بشقيها التطبيقي والتدريبي لأن ذلك من شأنه أن يحدد له مدى كفاءة شاغلي الوظائف العليا في المؤسسة، وإذا كان الدكتور النفيسي جاداً في تحقيق مثل هذا الإصلاح فعليه العودة إلى الجذور والأصول الأكاديمية لزملائه أعضاء هيئة التدريس والتدريب، وليستعن كفريق عمل معه بخريجي الجامعات الأكثر عراقة وبالمعدلات الأعلى علمياً، وبمن كوّن ذاته بعرق جبينه من خلال البحث العلمي، وبمن استطاع أن يغذي طلبته بالعلم النافع والطريقة الناجحة، وأمثال هؤلاء حوله في جميع الكليات والمعاهد ومن خلالهم فقط يستطيع أن يخطو الخطوة الأولى في بناء صرح عملاق ولكنه منهار من الداخل!

back to top