يسود انطباع، رغم كل ما قيل عن أن جولة الموفد الأميركي جورج ميتشل قد انتهت إلى الفشل على غرار ما انتهت إليه الجولات السابقة، أن هناك انطلاقة جديدة لعملية السلام في الشرق الأوسط وأن المفاوضات المباشرة ستبدأ في مطلع سبتمبر المقبل، وهذا تؤكده كل هذه اللقاءات والاتصالات التي جرت أمس، وقبل ذلك، والتي من المنتظر أن تتسع دائرتها خلال الأسابيع المقبلة.

Ad

لقد سبقت لقاءات القاهرة، التي تمَّت أمس الخميس، اتصالات جرت ما بين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وكلٍّ من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الأسد وبالطبع الرئيس المصري حسني مبارك وشارك فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، الذي كان حصل على تفويض من قبل لجنة المتابعة العربية في اجتماعها الأخير في العاصمة المصرية بأنه هو صاحب قرار الذهاب إلى هذه المفاوضات المباشرة، التي يمارس الأميركيون ضغطاً جدياً على الأطراف المعنية من أجل استئنافها في أقرب فرصة ممكنة.

والمنتظر أن تشهد الفترة، منذ الآن وحتى بدايات سبتمبر المقبل، قمماً ثنائية وثلاثية على الصعيد العربي واتصالات مكثفة في اتجاه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واللجنة الدولية، فالمسألة تبدو هذه المرة جدية، إذ إن هناك حرصاً أميركياً ودولياً، مدعوماً من قبل بعض الدول المعنية، على الحفاظ على ما يسمى "قوة الدفع" وعدم العودة إلى الجمود بأي شكل من الأشكال، وذلك تحاشياً لانتكاسة قد يؤدي الإحباط الذي ستخلفه حتماً إلى اهتزازات أمنية في المنطقة كلها.

والمشجع أن هناك معلومات، مؤكدة وبعضها معلن، أن الأميركيين أرفقوا البدء بالمفاوضات المباشرة بسقف زمني لا يجوز تجاوزه بدون تحقيق إنجازات فعلية على مسار إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة، وأنهم حددوا مرجعية لهذه المفاوضات في شكل تأكيد أن كل ما يجري يجب أن يكون وفقاً لقرارات الشرعية الدولية وعلى أساس إعلان مسبق تصدره اللجنة الرباعية الدولية.

وهكذا فإنه بالإمكان القول، إن هذه الأيام التي يمر بها وضع الشرق الأوسط هي دقيقة وحساسة بالفعل، والمهم، ما دام هناك "حلْحلة" ملموسة في الاسستقصاء السابق، ألا توضع الأمور مجدداً بين يدي قمة عربية جديدة لا طارئة ولا غير طارئة، فالمعروف أن القمم العربية وبخاصة في السنوات الأخيرة قد تحولت إلى "خشبات مسارح" للمزايدات ودهاليز للتعطيل ووضع العصي في دواليب العمل العربي المشترك.